للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَرُم، وفرِحَ، بصَرًا، وبَصَارة، وُيكسَر: صار مبصرًا. قاله في "ق"، وقال في "المصباح": بَصُرتُ بالشيء -بالضمّ، والكسرُ لغةٌ- بَصَرًا -بفتحتين-: علمتُ، فأنا بصير به، يتعدّى بالباء في اللغة الفصحى، وقد يتعدّى بنفسه انتهى (١) (لَا تَظُنُّ أَنَّهُ عَرَفَهَا) أي لا تظنّ تلك المرأة أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عرفها. وفي نسخة: "لا نظنّ". وفي أخرى: "لا يُظَنّ"، وعليها فالفعل مبنيّ للمفعول. ولفظ رواية أبي داود المذكورة: "أظنّه عرفها"، والظان على هذا هو عبد اللَّه بن عمرو. واللَّه تعالى أعلم.

(فَلَما تَوَسَّطَ الطَّرِيقَ) وفي رواية أبي داود المذكورة: "فلما حاذى بابه … " ولا تنافي بينهما أيضا، لأن المحاذاة لا تستلزم وصوله إلى الباب، بل كان وقوفه في وسط الطريق المحاذي لبابه، واللَّه تعالى أعلم.

(وَقَفَ، حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ) أي وصلت تلك المرأة إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَإِذَا فَاطِمَةُ) "إذا" للمفاجاة، أي ففاجأه كونها فاطمة - رضي اللَّه عنها - (بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) بدل من "فاطمة" (قَالَ: لَهَا) - صلى اللَّه عليه وسلم - (مَا أَخْرَجَكِ مِنْ بَيْتِكِ، يَا فَاطِمَةُ؟) "ما" استفهامية، أي أيّ شيء جعلك تخرجين من بيتك الذي أمرك اللَّه بأن تَقَرّي فيه، حيث قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} الآية [الأحزاب: ٣٣]، (قَالَتْ: أَتَيْتُ أَهْلَ هَذَا الْمَيَّتِ) أي الذي دفنه هو وأصحابه، كما تقدم في رواية أبي داود، ولفظ "الكبرى": "أهل البيت" بالباء بدل الميم (فَتَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ) أي دعوت بالرحمة لميتهم، فقلت فيه: رحم اللَّه ميتكم، فأوصلت ذلك إليهم، حتى يفرحوا به (وَعَزَّيتُهُمْ بِمَيِّتِهِمْ) أي قلت لهم: أحسن اللَّه عَزَاءَكُم، يقال: عَزِي يَعْزَى، من باب تَعِبَ: صَبَرَ على ما نابه، وعَزّيته تَعْزية: قلت له: أحسن اللَّه عَزَاءك، أي رَزَقَك الصبر الحسن. قاله في "المصباح" (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (لَعَلَّكِ بَلَغْتِ، مَعَهُمُ الْكُدَى؟) زاد في رواية ابن حبّان: فسألتُ ربيعة عن الكُدَى؟ فقال: القبور انتهى (٢).

و"الكُدُى" بضمّ الكاف، جمع كُدْية، وهي في الأصل القطعة من الأرض، سميت قبورهم بها، لأنها كانت تحُفر في المواضع الصلبة، خشية السقوط. قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وُيروَى "الكُرَا" بالراء، جمع كُرية، أو كُروة، من كريت الأرض، وكروتها: إذا حفرتها، كالحُفْرَة، من حَفَرْتُ انتهى (٣). والحديث يدلّ على مشروعية التعزية، وعلى جواز خروج النساء لها.

(قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ) منصوب على أنه مصدر لفعل مقدّر، أي أعوذ معاذَ اللَّه (أَنْ أَكُونَ بَلَغْتُهَا) في تأويل المصدر مجرور بحرف جرّ محذوف قياسًا، أي من كوني بلغت تلك


(١) - راجع "ق" و "المصباح" في مادة بصر.
(٢) - انظر "صحيح ابن حبان" ج ٧ ص ٤٥١. رقم الحديث ٣١٧٧.
(٣) - "النهاية" ج ٤ ص ١٥٦ وص ١٦٩.