للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ أُمِّ قَيْسٍ) - رضي اللَّه عنه -، أنها (قَالَتْ: توُفْيَ ابْنِي، فَجَزِعْتُ عَلَيه) بكسر الزاي، من الجَزَع بالتحريك، وهو نقيض الصبر، وقد جزع، كفرِحَ، جَزَعًا، وجُزُوعًا، فهو جازع، وجَزعٌ، ككتف، ورَجُلٍ، وصَبُور، وغُرَاب قاله في "ق".

(فَقُلْتُ لِلّذِي يَغْسِلُهُ: لَا تَغْسِلِ ابْنِي بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، فَتَقْتُلَهُ) إنما قالت ذلك لشدة جزعها، وغلبة الحزن على قلبها، فذهلت عن موته (فَانْطَلَقَ عُكَاشَةُ) بضم العين المهملة، وتشديد الكاف، وتخفيفها. أيضًا (ابْنُ مِحْصَنٍ) -بكسر الميم، وسكون الحاء المهملة، وفتح الصاد المهملة- بن حُرْثان بن قيس بن مُرّة بن بُكير بن غَنْم بن دُودان بن أسد بن خُزيمة الأسديّ، حليف بني عبد شمس، من السابقين الأولين، وشهد بدرًا، ووقع ذكره في "الصحيحين"، في حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فقال عكاشة. ادع اللَّه أن يجعلني منهم، قال: "أنت منهم"، فقام آخر، فقال: "سبقك بها عكاشة"، وقد ضُرِب بها المثل، يقال للسبق في الأمر: سبقك بها عكاشة. قيل: استُشهِد عكاشة في قتل أهل الردة، قتله طُليحة بن خُويلد الذي تنبأ (١). ذكره في "الإصابة" (٢).

(إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَأخبَرَهُ بِقَولِهَا) لا تغسل ابني بالماء البارد، فتقتلَه (فَتَبَسَّمَ) - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال الفيّوميّ: بَسَم بَسْمًا، من باب ضرب: ضَحِكَ قليلًا، من غير صوت، وابتسم، وتَبَسّم كذلك، ويقال: هو دون الضَّحِكِ انتهى (ثُمَّ قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (مَا قَالَتْ) استفهام للتعجّب من قولها المذكور.

وهذا محلّ استدلال المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- على الترجمة، حيث لم ينكر النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عليها أن لا يُغسَل ابْنُهَا بالماء البارد، فمنه يدلّ على استحباب الغسل بالماء الحارّ، لكن الحديث ضعيف، فلا وجه للاستدلال به، فلا فرق في جواز الغسل ببين الماء البار، والحارّ، واللَّه تعالى أعلم.

(طَالَ عُمْرُهَا؟) جملة دعائية، دعا لها النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بطول العمر (فَلَا نَعْلَمُ امْرَأَةً) والظاهر أن هذا من قول أبي الحسن مولى أم قيس (عُمِرَتْ مَا عُمِرَتْ) ببناء الفعلين للمفعول، من الْعَمْر، أو التعمير، يقال: عَمَرَهُ اللَّه، يَعْمُرُه، من باب قتل، وعَمَّرَه تَعْمِيرًا: أي أطال عُمْرَه. قاله في "المصباح". والجملة صفة لـ"امرأة". وْفيه معجزة للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، حيث طال عمر أم قيس - رضي اللَّه عنها - بسبب دعائه لها. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - وقد ثبت أن طليحة عاد إلى الإسلام. قاله في "الإصابة".
(٢) - "الإصابة" ج ٧ ص ٣٢.