للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فمنها: قوله "فأفرغ على يديه ثلاثا فغسلهما" يدل على مشروعية غسل الكفين، أوَّلًا قبل إدخالهما الإناء، ولو لم يكن عَقِبَ النوم، وهذا مستحب بلا خلاف، وقد استوفينا الكلام على هذه المسألة في أول هذا الشرح عند الكلام على الحديث الأول، فلنكمل ما تبقَّى، فنقول:

المسألة الخامسة: (قوله: ثم تمضمض واستنشق) فيه دلالة على مشروعية المضمضة والاستنشاق، وقد اختلف العلماء في حكمها على مذاهب:

أحدها: أنهما واجبتان في الوضوء والغسل وهو مذهب أحمد في المشهور، وإسحاق، وأبي (١) عبيد، وأبي ثور، وابن المنذر، وابن أبي ليلى، وحماد بن أبي سليمان، والهادي، والقاسم، والمؤيد بالله.

قال أبو محمَّد بن حزم في المحلى: وممن صح عنهم الأمر بذلك جماعة من السلف روينا عن علي بن أبي طالب: "إذا توضأت فانثر فأذهب ما في المنخرين من الخبث"، وعن شعبة قال حماد بن أبي سليمان فيمن نسي أن يمضمض ويستنشق قال: يستقبل، وعن شعبة عن الحكم بن عتيبة فيمن صلى وقد نسي أن يمضمض ويستنشق قال: أحب إلى أن يعيد، يعني الصلاة، وعن وكيع، عن سفيان الثوري، عن

مجاهد: الاستنشاق شطر الوضوء، وعن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى قالا جميعا: إذا نسي المضمضة والاستنشاق في الوضوء أعاد يعنون الصلاة، وعن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري: من نسي المضمضة والاستنشاق في الوضوء أعاد يعني الصلاة اهـ المحلى جـ ١/ ص ٥١.

الثاني: واجبتان في الغسل، دون الوضوء، وهو قول أبي حنيفة، وأصحابه، وسفيان الثوري، وزيد بن علي.


(١) لعل أبا عبيد وأبا ثور وابن المنذر لهم مذهبان لما يأتي بَعدُ.