أحبّ الثياب إليه الْحِبَرَةُ، وهي بُرود مخططة بالأخضر، ولبس ثوبين أخضرين، ولبس حُلَّة حمراء، وكلها ستأتي في "كتاب الزينة" إنشاء اللَّه تعالى، وكذلك إلباسه جماعة من الصحابة ثيابا غير بيض، وتقريره لجماعة منهم على لبس غير البياض، وأما في الكفن، فلما ثبت عند أبي داود -بإسناد حسن- من حديث جابر مرفوعًا:"إذا تُوفي أحدكم، فوَجَدَ شيئًا، فليُكَفَّن في ثوب حِبَرَة". انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث سمرة بن جندب - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٣٨/ ١٨٩٦ - و"في كتاب الزينة" ٩٨/ ٥٣٢٢ و ٥٣٢٣ - وفي "الكبرى" ٣٨/ ٢٠٢٣ - وفي "الزينة" ٩٠/ ٩٦٤٣ و ٩٦٤٤ و ٩٦٤٥ وأخرجه من حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - (د) ٣٨٧٨ و ٤٠٦١ (ت) ٩٩٤ (ق) ١٤٧٢. وأخرجه (أحمد) من حديث سمرة، ومن حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - ٣٠٢٧ و٢٢٢٠ و ٣٤١٦ و ١٩٦٢٧ و ١٩٧٢٢. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما بوب له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو أيُّ الكفن خير؟، وذلك لأن الحديث بين خير الكفن، وهو الأبيض من الثياب. ومنها: استحباب الثياب البيض للبس في الحياة، لكونها أطهر، وأطيب، ولدلالتها غالبًا على التواضع، وعدم الكبر، والعجب، والخيلاء، كذا قال بعضهم، وهو محلّ نظر. ومنها: وجوب تكفين الميت، وهو إجماع، ومحلّه أصل التركة، فإن لم يكن ففي بيت المال، أو على جماعة المسلمين، ومنها: أنه يستحبّ في لون الكفن البياض، وهو مجمع عليه، كما قال النوويّ، قالوا: ويجوز التكفين في سائر الألوان، إلا أنه لا يُكَفَّن بما لا يجوز لبسه في حياته، كالحرير.
قال ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: جاء الحديث عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال:"أُحِلَّ لبسُ الحرير، والذهب لإناث أمتي، وحرّم على ذكورها". قال: فأكره للرجال لبس الحرير، وأكره أن يُكَفِّنُوا فيها موتاهم، إلا في حال ضرورة، يُلجأ إليها، حيث لا يوجد غيرها.
وممن كره ذلك من أهل العلم الحسن البصريّ، وعبد اللَّه بن المبارك، ومالك بن أنس، وأحمد، وإسحاق بن راهويه، ولا نحفظ عن أحد من أهل العلم خلافهم