للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الموضعين: "إن العبد إذا وُضع … "، وقال في آخره: يريد المسلم والكافر" انتهى (١) (عَلَى سَرِيرِهِ) هو ما يوضع عليه الميت، وجمعه: أَسِرَّةٌ، وسُرُرٌ -بضمتين- وفتحُ الثاني للتخفيف لغةٌ. أفاده في "المصباح" (قَالَ) الضمير للرجل الصالح. قال في "الفتح": ظاهره أن قائل ذلك هو الجسد المحمول على الأعناق. وقال ابن بطال: إنما يقول ذلك الروحُ. وردّه ابن المنيّر بأنه لا مانع أن يردّ اللَّه الروح إلى الجسد في تلك الحال، ليكون ذلك زيادة في بُشرى المؤمن، وبؤس الكافر. وكذا قال غيره، وزاد: ويكون ذلك مجازًا باعتبار ما يؤول إليه الحال بعد إدخال القبر، وسؤال الملكين.

قال الحافظ: وهو بعيد، ولا حاجة إلى دعوى إعادة الروح إلى الجسد قبل الدفن، لأنه يحتاج إلى دليل، فمن الجائز أن يُحدث اللَّه النطق في الميت إذا شاء، وكلام ابن بطّال فيما يظهر لي أصوب. وقال ابن بزيزة: قوله في آخر الحديث -يعني في الرواية الآتية-: يسمع صوتها كلّ شيء" دالّ على أن ذلك بلسان المقال، لا بلسان الحال انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله الحافظ فيه تناقض، لأن أول كلامه يفهم منه أن الكلام للجسد، وآخره أنه للروح، حيث صوّب كلام ابن بطال، والصواب عندي أن الكلام للجسد، فلا حاجة للعدول عن ظاهر النصّ، فإن قوله: "إذا وُضع الرجل الخ"، يدلّ على أن هذا الكلام للجسد، لأن الموضوع على السرير هو الجسد، فهو الذي يتكلّم، بلسان المقال بصوت مسموع لكل أحد، إلا الإنسان. واللَّه تعالى أعلم.

(قَدِّمُوني) أي للقاء ثواب العمل الصالح الذي كنت أعمله في حياتي. قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كأنه يعتقد أنهم يسمعون قوله، فيقول لهم ذلك، أو أنه تعالى يُجري على لسانه ذلك ليُخبر عنه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - للناس، فتحصل الفائدة بواسطة ذلك الإخبار. واللَّه تعالى أعلم انتهى (٣).

(قَدِّمُوني) كرّره للتاكيد (وَإِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ يَغنِي السُّوءَ) هكذا نسخ "المجتبى" بزيادة لفظة "يعني"، وفي "الكبرى": "وإذا وُضع الرجل السوء … " بدون "يعني"، وهو الذي في روايات أحمد، في المواضع الثلاثة -٢/ ٢٩٢ و ٢/ ٤٧٤ و ٢/ ٥٥٠ - ولم يتبيّن لي معرفة من هو قائل: "يعني" في رواية المصنّف هنا؟ واللَّه تعالى أعلم (عَلَى سَرِيرِهِ، قَالَ: يَا وَيْلِي) أي يا هلاكي احضُرْ، فهذا أوانك، وفي نسخة: "يا ويلتي" (أَيْنَ تَذْهَبُونَ


(١) - راجع صحيح ابن حبان ج ٨ ص ٣٧٨ رقم الحديث ٣١١١.
(٢) - "فتح" ج ٣ ص ٥٤٠.
(٣) - "شرح السندي" ج ٣ ص ٤١.