للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المبشّرين بالجنة - رضي اللَّه عنه - ٧٢/ ٩١. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ) عبد اللَّه بن سَخْبَرَة، أنه (قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَليٍّ) - رضي اللَّه عنه - (فَمَرَّتْ بهِ جَنَازَةٌ، فَقَامُوا لَهَا) أي قام الناس الذين كانوا جالسين مع عليّ - رضي اللَّه عنه - (فَقَالَ عَليٌّ:) - رضي اللَّه عنه - (مَا هَذَا؟) أي أيّ شيء هذا القيام الذي قمتموه عند مرور الجنازة، أبحجة، أم بغير حجة؟ (قَالُوا: أَمْرُ أَبِي مُوسَى) خبر لمحذوف، أي هو أمر أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعريّ - رضي اللَّه عنه -، أي إنما قمنا لكون أبي موسى - رضي اللَّه عنه - أمرنا به، وفي نسخة "أمر أبو موسى" بصيغة الماضي، فـ "أبو موسى" فاعل، أي أمرنا به أبو موسى.

والظاهر أنه أخذه عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَقَالَ) علي - رضي اللَّه عنه - (إِنَّمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لِجَنَازَةِ يهُودِيَّةٍ) يعني أنه فعله مرّة واحدة لجنازة امرأة يهوديّة، ولا تنافي بينه، وبين ما يأتي في حديث الحسن، وجابر - رضي اللَّه عنهما -، من أنها جنازة يهوديّ، لاحتمال أن تتعدد الواقعة، أو المراد باليهوديّ الشخص، وهو يشمل الرجل والمرأة، واللَّه تعالى أعلم (وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ ذَلِكَ") بفتح الياء، وضم العين، مضارع عاد، من باب قال: إذا رجع. يعني أنه لم يقم مرّة أخرى للجنازة.

واستَدَلّ به من قال بنسخ القيام للجنازة، وقد تقدم قبل باب أن الراجح أنه لا يدلّ على النسخ، وإنما يدلّ على أن الأمر ليس للوجوب، وهذا هو مذهب المصنّف - رحمه اللَّه - تعالى، حيث ترجم بـ "الرخصة في ترك القيام"، ولم يترجم بـ "باب نسخ القيام"، ومثله في ذلك الإمام الترمذي -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث علي - رضي اللَّه عنه - هذا أخرجه مسلم بنحوه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هنا ٤٧/ ١٩٢٣ و ٨١/ ١٩٩٩ و ٢٠٠٠ وفي "الكبرى" ٤٧/ ٢٠٥٠ و ٨١/ ٢١٢٦ و ٢١٢٧. وأخرجه (م) ٢٢٢٤ و ٢٢٢٥ و ٢٢٢٧ (د) ٣١٧٥ (ت) ١٥٤٤ (أحمد) ٦٢٤ و ١٠٩٧ و ١١٧١ (مالك في الموطإ) ٥٤٩.

وقد تقدّم بيان مذاهب أهل العلم في حكم القيام للجنازة، وبيان أدلّتهم، وأن الراجح هو الاستحباب، مستوفًى قبل باب، فراجعه هناك تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.