للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من خماسيات المصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فقد تفرد به هو والترمذي في "الشمائل". (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه أيضًا، فإنه بلخيّ. (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن جعفر بن محمد، عَنْ أَبِيهِ,، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَليٍّ) - رضي اللَّه عنهما - (كَانَ جَالِسًا، فَمُرَّ عَلَيْهِ) ببناء الفعل للمفعول أي مرّ الناس على مكان قريب منه (بجَنَازَةٍ، فَقَامَ النَّاسُ) أي الذين كانوا جالسين مع الحسن - رضي اللَّه عنه - (حَتَّى جَاوَزَتِ الْجَنَازَةُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّمَا مُرَّ) ببناء الفعل للمفعول أيضًا (بِجَنَازَةِ يُهودِيٍّ، وَكانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، عَلَى طَرِيقِهَا جَالِسا) الجارّ والمجرور خبر "كان"، و"جالسًا" منصوب على الحال، ويحتمل أن يكون خبرا لـ "كان"، والجارّ والمجرور متعلّقٌ به (فَكَرِهَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَن تَعْلُوَ رَأْسَهُ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ) أي أن

تكون عالية فوق رأسه الشريف - صلى اللَّه عليه وسلم - جنازة شخص، وهي جِيفَة قَذِرَة (فَقَامَ) تقذّرًا لها. قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: هذا تأويل وقع في خاطر الحسن - رضي اللَّه عنه -، وإلا فمقتضى الأحاديث، أنه كان لتعظيم أمر الموت، وقد جاء به الأمر أيضًا، إلا أن يقال: هذا مما يُضمّ إلى دواعي القيام أيضًا، وكانت الدواعي متعدّدة، واللَّه تعالى أعلم انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما سبق من التعليلات، بكونها نفسا، وبأن للموت فزعًا، وكذا ما يأتي في حديث جابر - رضي اللَّه عنه -: "إنما قمنا للملائكة" مرفوعة، صحيحة، فلا يعارضها ما قاله الحسن، إذ لم يرفعه إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإنما ذكره من فهمه. واللَّه تعالى أعلم.

ثم إن رواية الحسن هذه فيها إشكال، من حيث إنها تخالف الروايتين السابقتين له، فإنهما تدلان على أن الحسن كان يقوم للجنازة، وهذه تدلّ على أنه أنكر على من قام لها، وعلّل أن قيام النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كان لئلا تعلو رأسه جنازة يهوديّ!!!.

ويمكن أن يجاب بأن الحسن لما خالفه ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، تتبّع قضيّة قيام النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فعلم أنه إنما قام مرّة لجنازة يهوديّ، ثم لم يقم بعدُ، ولعله أخذه عن أبيه، فقد تقدّم أول الباب، من رواية مجاهد، عنه بلفظ: "إنما قام رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لجنازة يهوديّة، ولم يَعُد بعد ذلك". فلعلّ الحسن لما سمع هذا حمله على أنه قام لئلا تعلو رأسه جنازة يهوديّ.


(١) - "شرح السندي" ج ٣ ص ٤٧.