والحاصل أنها تصلح للاحتجاج بها، لكنها كما قال الشوكاني: بعد تسليم انتهاضها للاحتجاج، وصلاحيتها للاستدلال لا تدل على الوجوب، لأنها أفعال، وما ورد في بعض الروايات من قوله - صلى الله عليه وسلم - "هكذا أمرني ربي" لا يفيد الوجوب على الأمة لظهوره في الاختصاص به، وهو يتخرج على الخلاف المشهور في الأصول، هل يعم الأمة ما كان ظاهرا الاختصاص به أم لا؟
والفرائض لا تثبت إلا بيقين، والحكم على ما لم يفرضه الله بالفرضية كالحكم على ما فرضه بعدمها، لا شك في ذلك، لأن كل واحد منهما من التقول على الله بما لم يقل. ولا شك أن الغَرْفَة الواحدة لا تكفي كث اللحية لغسل وجهه، وتخليل لحيته، ودفعه كما قال بعضهم بالوجدان مكابرة منه، نعم الاحتياط والأخذ بالأوثق لا شك في أولويته، لكن بدون مجاراة على الحكم بالوجوب اهـ نيل جـ ١/ ص ٢٢٦.
قال الجامع عفا الله عنه:
الحاصل أن تخليل اللحية مستحب لثبوت الأحاديث الدالة عليه، وأما إثبات الوجوب فمحل نظر، والله أعلم.
المسألة السابعة: قوله "ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق" الخ.
فيه دلالة على مشروعية غسل اليدين، قال العلامة ابن رشد في بدايته: اتفق العلماء على أن غسل اليدين والذراعين من فروض الوضوء لقوله تعالي {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}[المائدة: آية ٦].
واختلفوا في إدخال المرافق فيها، فذهب الجمهور، ومالك والشافعي، وأبو حنيفة إلى وجوب إدخالها، وذهب بعض أهل الظاهر، وبعض متأخري أصحاب مالك، والطبري إلى أنه لا يجب إدخالها في الغسل.