وقال النووي رحمه الله: ذكر ابن قتيبة، والأزهري، وآخرون من أهل اللغة، والفقهاء في كيفية الاستدلال بالآية كلاما مختصره: إن جماعة من أهل اللغة منهم أبو العباس ثعلب، وآخرون، قالوا "إلى" بمعنى "مع"، وقال أبو العباس المبرد، وأبو إسحاق الزجاج وآخرون "إلى" للغاية، وهذا هو الأصح الأشهر، فإن كانت بمعنى "مع" فدخول المرفق ظاهر، وإنما لم يدخل العضد للإجماع، وإن كانت للغاية فالحد يدخل في المحدود إذا كان التحديد شاملا للحد والمحدود، كقولك قطعت أصابعه من الخنصر إلى المسبحة، أو بعت هذه الأشجار من هذه إلى هذه، فإن الأصبعين والشجرتين داخلات في القطع والبيع بلا شك لشمول اللفظ، ويكون المراد بالتحديد في مثل هذا إخراج ما وراء الحد مع بقاء الحد داخلا، فكذا هنا اسم اليد شامل من أطراف الأصابع إلى الإبط، ففائدة التحديد بالمرافق إخراج ما فوق المرفق مع بقاء المرفق.
ثم ذكر النووي حديث أبي هريرة المتقدم، وقال: وفعله بيان للوضوء المأمور به، ولم ينقل تركه ذلك، اهـ المجموع جـ ١/ ص ٣٨٥.
وقال الشوكاني: واستدل لغسلهما أيضا بحديث "أنه - صلى الله عليه وسلم - أدار الماء على مرفقيه، ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" عند الدارقطني، والبيهقي من حديث جابر مرفوعا، وفيه القاسم بن محمَّد ابن عبد الله بن عقيل، وهو متروك، وقال أبو زرعة: منكر، وضعفه أحمد، وابن معين، وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات، ولم يلتفت في ذلك إليه، وصرح بضعف هذا الحديث المنذري، وابن الجوزي، وابن الصلاح، والنووي، وغيرهم.
وذكر ما تقدم من حديث أبي هريرة، لكن قال: وفيه أنه فعل لا ينتهض بمجرده للوجوب، وأجيب بأنه بيان للمجمل، فيفيد الوجوب،