(منها): أنه من ثمانيات المصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن شيخه بغداديّ، وشيخ شيخه يمامي، ثم بغدادي، ثم خراسانيّ، والليث مصريّ، والباقون مدنيون. (ومنها): أن فيه رواية صحابيّ عن صحابي، وتابعي عن تابعيّ. (ومنها): أن فيه أحد الفقهاء السبعة، وهو عبيد اللَّه. (ومنها): أن فيه ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - حبر الأمة وبحرها، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد المكثرين السبعة، روى (١٦٩٦) حديثًا. (ومنها): أن فيه أحد الخلفاء الأربعة، وأحد العشرة المبشّرين بالجنّة - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) - رضي اللَّه عنه - (قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ)، برفع "ابن" لأنه صفة لعبد اللَّه، لا. لأُبَيَّ، فـ"سلولُ" أم عبد اللَّه، ولهذا يجب تنوين "أبَيِّ"، وإثبات همزة الوصل في "ابن سلول"، وقد تقدم بيان هذه القاعدة، فتنبَّه (دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) دعاه ابنه عبد اللَّه بن عبد اللَّه (لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَثَبْتُ إِلَيْهِ) يقال: وَثَب وَثْبًا، من باب وَعَدَ، ووُثُوبًا، وَوَثِيبًا: قَفَزَ. قاله في "المصباح"(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبيِّ، وَقَدْ قَالَ: يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟، أعَدِّدُ عَلَيْهِ) أي أذكر له ما قاله، مثل قوله:{لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}[المنافقون: ٧] وقوله: {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}[المنافقون: ٨] (فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَقَالَ:"أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ"، فَلَمَّا أكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: "إِنِّي قَدْ خُيِّرْتُ) أي خيّرني اللَّه تعالى، حيث قال:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية [التوبة: ٨٠]، فخيّرني بين الاستغفار وعدمه (فَاخْتَرْتُ) الاستغفار (فَلَوْ عَلِمْتُ، أَنِّي لَوْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ، غُفِرَ لَهُ، لَزِدْتُ عَلَيْهَا) روى الطبريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- من طريق مغيرة، عن الشعبيّ، قال: قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قال اللَّه تعالى:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠] فأنا أستغفر لهم سبعين، وسبعين، وسبعين (فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثُمَّ انْصَرَفَ) أي سلّم من الصلاة على عبد اللَّه بن أُبيّ (فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا) أي إلا وقتًا قليلًا (حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَتَانِ) أي هذه، والتي بعدها (مِنْ بَرَاءةَ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}) {وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٨٥)} [التوبة: ٨٤ - ٨٥](فعَجِبْتُ بَعْدُ) بالبناء على الضمّ لقطعه عن الإضافة ونيّة معناها، أي بعد ما تقدّم مما جرى لي مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في شأن ابن أبيّ، ومن سؤال لي له أن لا يصلى عليه وإلحاحي في ذلك، وصلاته عليه، ونزول الآيتين (مِنْ جُرْأَتِيِ) بضمّ الجيم، وسكون الراء المهمِلة، وبضم، ففتح، كالجُرْعَة، والثُّبَةِ، والْجَرَاءة، كالكَرَاهَة، والجَرَائيةُ، كالكَرَاهِية، والْجَرَايَةُ بالياء نادرٌ، ومعناها: الشجاعة، وفعله ككَرُم. أفاده في