عليه، لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إلا آذنتموني"، وفيه ردّ لقول من كره الإذن بالجنازة، فاستحبّ أن لا يُؤذَن به أحد، ولا يُشعَر بجنازته جارٌ، ولا غيره. ومنها: مشروعية تكرار الصلاة على الميت، ولو صُلّيَ عليه، فإن هذه المرأة، كانوا قد صَلَّوا عليها قبل الدفن، ثم صلَّوا عليها مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بعد الدفن. ومنها: مشروعية الصف في الصلاة على الجنازة. ومنها: بيان أن صلاته - صلى اللَّه عليه وسلم - على أمته رحمة لهم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: في اختلاف العلماء في حكم الصلاة على القبر:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: اختلف أهل العلم في الصلاة على القبر، فكان عبد اللَّه ابن عمر، وأبو موسى الأشعريّ، وعائشة أم المؤمنين - رضي اللَّه عنهم - يرون الصلاة على القبر. وروينا عن عليّ بن أبي طالب - رضي اللَّه عنه - أنه أمر قَرَظَة أن يصلي على جنازة، قد صُلِّي عليها مرّة.
وممن كان يرى الصلاة على القبر محمد بن سيرين، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد ابن حنبل، وقال أحمد: روي عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من ستة وجوه، وكان النعمان يقول: إن دُفن قبل أن يصلّى عليه، صلي عليه، وهو في القبر، وكذلك قال الحسن.
وقالت طائفة: لا تعاد الصلاة على الميت، هذا قول النخعيّ، ومالك، والنعمان.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: ثبتت الأخبار عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه صلى على القبر انتهى كلامه بتصرّف (١).
وقال أبو محمد ابن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: والصلاة جائزة على القبر، وإن كان قد صُلي على المدفون فيه. وقال أبو حنيفة: إن دُفن بلا صلاة صلى على القبر ما بين دفنه إلى ثلاثة أيام، ولا يُصلّى عليه بعد ذلك، وإن دُفن بعد أن صلي عليه لم يُصَلّ أحد على قبره. وقال مالك: لا يصلى على قبر. وروي ذلك عن إبراهيم النخعيّ. وقال الشافعيّ، والأوزاعيّ، وأبو سليمان -يعني داود الظاهري-: يصلى على القبر، وإن كان قد صلي على المدفون فيه، وقد روي هذا عن ابن سيرين. وقال أحمد بن حنبل: يصلى عليه إلى شهر، ولا يُصلَّى عليه بعد ذلك. وقال إسحاق: يصلي الغائب على القبر إلى شهر، ويصلي عليه الحاضر إلى ثلاث.
ثم أخرج بسنده إلى مسلم بن الحجاج، قال: حدثني أبو كامل فضيل بن حسين الْجَحْدَري، قال: حدثنا حماد، وهو ابن زيد، عن ثابت البناني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن امرأة سوداء، كانت تَقُمُّ المسجد، أو شابا، ففقدها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فسأل