(عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ,) بريدة بن الحصيب - رضي اللَّه عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كَانَ إِذَا أتى عَلَى الْمَقَابِرِ) ولفظ مسلم، من طريق سفيان الثوريّ، عن علقمة بن مرثد:"كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يعلّمهم إذا خرجوا إلى المقابر … " (فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيكُمْ، أَهْلَ الدِّيَارِ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ) بفتحتين: أي متقدّمون علينا إلى الدار الآخرة، وأصل الفرط هو المتقدّم في طلب الماء، يُهَيّء الدِّلَاء، والأَرْشاء، يقال: فَرَطَ القومَ فُرُوطًا، من باب قَعَد: إذا تقدّم لذلك، يستوي فيه الواحد، والجمع، يقال: رجلٌ فَرَطٌ، وقومٌ فَرَطٌ. أفاده في "المصباح". (وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ) أي متبعون لكم، وآتون إلى الآخرة بعدكم، فـ"التبع" بفتحتين يستوي فيه الواحد، وغيره، يقال: تَبع زيد عمرًا، من باب تَعِبَ: مشى خلفه، أو مَرَّ به، فمضى معه، والمصلي تبع لإمامه، والناس تبعٌ له، ويكون واحدًا، وجمعًا، ويجوز جمعه على أتباع، مثلُ سبب وأسباب. قاله في "المصباح" (أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ) أي محوَ الذنوب عنا، يقال: عفا اللَّه عنك: أي محا ذنوبَك، وعفوتُ عن الحقّ: أسقطتُهُ، كأنك محوتَهُ عن الذي هو عليه، وعافاه اللَّه: محا عنه الأسقام. و"العافية": اسم منه، وهي مصدر جاءت على فاعلة، ومثله ناشئةُ الليل، بمعنى نُشُوء الليل، والخاتمةُ: بمعنى الختم، والعاقبة: بمعنى الْعُقُب، و {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ}[الواقعة: ٢]. قاله الفيّوميّ (لَنَا وَلَكُمْ") متعلّق بـ "أسأل"، أو بالعافية، أو بمحذوف صفة لـ"العافية"، أو حال منه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث بريدة بن الحصيب: - رضي اللَّه عنه - هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٠٣/ ٢٠٤٠ - وفي "الكبرى" ١٠٣/ ٢١٦٧. وأخرجه (م) ٢٢٥٤ (ق) ١٥٤٧ (أحمد) ٢٢٤٧٦ و ٢٢٥٣٠. وأما فوائد الحديث، فقد تقدّمت قريبًا، فلا حاجة إلى إعادتها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٠٤١ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ, قَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «اسْتَغْفِرُوا لَهُ».
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متفق عليه، وقد تقدّم للمصنّف -رحمه