للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْقُبُورِ) تقدّم الكلام عليه (وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ) أي الذين يبنون المساجد على القبور، وهذا يشمل البناء عليها، أو حولها، أو بينها، وما قاله السنديّ، مما حاصله: أن المراد من اتخاذ المساجد عليها أن يجعلها قبلة يسجد إليها كالوثن، وأما من اتخذ مسجدًا في جوار صالح، أو صلى في مقبرة من غير قصد التوجّه نحوه، فلا حرج فيه. فكلام باطل، فإن اليهود، والنصارى الذين أخبر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بلعنهم بقوله: "لعن اللَّه اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ما أُتُوا في أول أمرهم إلا من هذا الباب، فإنهم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا عليه مسجدًا، وصوروا صورة ذلك الرجل، ليتذكروا عبادته، وصلاحه، ثم بعد فترة عبدوا تلك الصور.

فمن يشاهد اليوم ما وقع في العالم الإسلاميّ من تعظيم القبور، واتخاذ الأولياء أربابا من دون اللَّه تعالى، بالتوجّه إليهم بالنداء، وطلب الحوائج منهم، وجلب النذور إليهم، لرأى العجب العجاب، مما يبكي له من له غَيرة على الدين، فلا حول، ولا قوّة إلا باللَّه، وأشدّ من ذلك سكوت أهل العلم عن هذا المنكر الفظيع، بل ربما استحسن بعضهم للعوام فعلهم ذلك، وشكر سعيهم فإنا للَّه، وإنا إليه راجعون.

وقد تقدّم تمام البحث في ذلك في "كتاب المساجد"، باب "النهي عن اتخاذ القبور مساجد" -١٣/ ٧٠٣ - فراجعه تستفد (وَالسُّرُجَ") بضمتين: جمع سراج، كما تقدّم ضبطه في أول الباب. وإنما لُعِن من اتخذها؛ لأنه فيه تضييعًا للمال بلا نفع، ويشبه تعظيم القبور، كاتخاذها مساجد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا ضعيف، من أجل أبي صالح باذام، كما تقدم الكلام عليه قريبًا.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٠٤/ ٢٠٤٣ - وفي "الكبرى" - ١٠٤/ ٢١٧٠. وأخرجه (د) ٣٢٣٦ (ت) ٣٢٠ (ق) ١٥٧٥ (أحمد) ٢٠٣١ و ٢٥٩٨ و ٢٩٧٧ و ٣١٠٨. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".