للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعظيما لشأنهم، ويجعلونها قبلة، يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثانًا لعنهم، ومنع المسلمين من مثل ذلك، فاما من اتخذ مسجدًا في جوار صالح، وقصد التبرّك بالقرب منه، لا التعظيم له، ولا التوجه نحوه، فلا يدخل في ذلك الوعيد انتهى.

ونقل هذا القول السيوطيّ، والسنديّ، وذكر في "الفتح" نحوه، وكلهم أقرّوه عليه، وهذا عجيب من مثل هؤلاء الأكابر، كيف جاز لهم إقرار مثل هذا القول الشنيع، المنابذ للسنة، والمعارض للنصوص الصريحة، وهل دخل على اليهود والنصارى هذا الضلال إلا من هذا الباب؟، فإن أول بداية ضلالهم هذا هو التبرّك بقبور أنبيائهم، وصالحيهم، فآل بهم الحال إلى أن عبدوهم، وقد وقع من كثير ممن يدعي الإسلام في كثير من بلدان الإسلام اليوم ما وقع منهم حذو النعل بالنعل، فمن يرى حال كثير من الناس فيما يفعلونه عند قبور الصالحين، من أنواع الشرك والضلالات لا يشك أنه عين ما وقع لليهود والنصارى في قبور أنبيائهم، فإنا للَّه، وإنا إليه راجعون.

ومن الداهية العظمى سكوت أهل العلم عن بيان ذلك، بل بعضهم يشاركونهم فيه، ويزيّنون لهم، قبيح فعلهم، فإلى اللَّه المشتكى، ولا حول ولا قوّة إلا باللَّه العليّ العظيم.

وهذا الحديث متفق عليه، وقد تقدّم في "كتاب المساجد" باب "النهي عن اتخاذ القبور مساجد" رقم ١٣/ ٧٠٣ - وتقدم تمام شرحه، وبيان ما يتعلّق به من المسائل هناك، فراجه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٠٤٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ, أَبُو يَحْيَى, صَاعِقَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ, وَالنَّصَارَى, اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (محمد بن عبد الرحيم) بن أبي زُهير العَدَويّ، مولى آل عمر البغداديّ البزّاز، فارسيّ الأصل، أبو يحيى، المعروف بـ "صاعقة"، ثقة حافظ [١١].

قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي بمكة، وسئل عنه؟ فقال: صدوق. وقال عبد اللَّه ابن أحمد، والنسائيّ: ثقة. وقال أحمد بن صاعد: حدثنا أبو يحيى الثقة العدل. وقال ابن عقدة، عن نصر بن أحمد الكنانيّ: كان من أصحاب الحديث المأمونين. وذكره ابن حبّان في "الثقات"، وقال: كان صاحب حديث يحفظ. وقال محمد بن محمد بن داود الْكَرَجيّ: سمي صاعة؛ لأنه كان جيد الحفظ. وقال الخطيب: كان متقنًا، ضابطًا،