للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اسكت". وفي حديث أبي سعيد عند أحمد: "كان هذا منزلك لو كفرت بربك". ولابن ماجه من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - بإسناد صحيح: "فيقال له: هل رأيت اللَّه؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى اللَّه، فتُفرَج له فرجة قِبَل النار، فينظر إليها، يحطم بعضها بعضًا، فيقال له: انظر ما وقاك اللَّه". وفي رواية للبخاري عن أبي هريرة: "لا يدخل أحد الجنة إلا أُري مقعده من النار، لو أساء؛ ليزداد شكرًا"، وذكر عكسه (١) (قَالَ: النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا") أي يرى مقعده من النار، ومقعده من الجنة.

[تنبيه]: ذكر في رواية البخاريّ من طريق سعيد بن أبي عروبة: ما نصه: "قال قتادة: وذكر لنا أنه يُفسح له في قبره"، قال في "الفتح": زاد مسلم من طريق شيبان، عن قتادة: "سبعون ذراعًا، ويُملأ خضرًا إلى يوم يبعثون". قال الحافظ: ولم أقف على هذه الزيادة موصولة من حديث قتادة. وفي حديث أبي سعيد، من وجه آخر عند أحمد: "ويُفسح له في قبره". وللترمذيّ، وابن حبان من حديث أبي هريرة: "فيفسح له في قبره

سبعين ذراعا"، زاد ابن حبان "في سبعين ذراعًا". وله من وجه آخر عن أبي هريرة "ويرحب له في قبره سبعون ذراعا، وينوّر له كالقمر ليلة البدر". وفي حديث البراء الطويل: "فينادي مناد من السماء، أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابًا في الجنة، وألبسوه من الجنة، قال: فياتيه من رَوْحها، وطيبها، ويفسح له فيها مدّ بصره". زاد ابن حبّان من وجه آخر، عن أبي هريرة "فيزداد غِبْطةً وسرورًا، فيعاد الجلد إلى ما بدأ منه، وتجعل روحه في نسم طائر يَعْلُقُ (٢) في شجر الجنّة". وسيأتي للمصنف

من حديث كعب بن مالك - رضي اللَّه عنه - عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "إنما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة، حتى يبعثه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- إلى جسده يوم القيامة". وفي "صحيح مسلم" من حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -: "أرواح الشهداء في جوف طير خُضْر، لها قناديل معلّقة بالعرش، تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل … " الحديث.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: المسائل المتعلقة بهذا الحديث ستأتي إن شاء اللَّه تعالى في الباب التالي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - راجع "الفتح" ج ٣ ص ٦٠٦ - ٦٠٧.
(٢) - من باب قتل، أي تأكل، أو من باب تعب، أي تسرح.