قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا طريق آخر لحديث عائشة - رضي اللَّه عنها -، وهو حديث صحيح. و"سفيان": هو ابن عيينة. و"يحيى": هو ابن سعيد الأنصاريّ. و"عمرة": هي بنت عبد الرحمن الأنصارية. وتقدم تمام الكلام في الحديث الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٠٦٦ - أَخْبَرَنَا هَنَّادٌ, عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ شَقِيقٍ, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ عَائِشَةَ, دَخَلَتْ يَهُودِيَّةٌ عَلَيْهَا, فَاسْتَوْهَبَتْهَا شَيْئًا, فَوَهَبَتْ لَهَا عَائِشَةُ, فَقَالَتْ: أَجَارَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ, قَالَتْ: عَائِشَةُ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ, حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ:: «إِنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ, عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ».
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا طريق آخر أيضًا لحديث عائشة - رضي اللَّه عنها - وهو صحيح أيضًا.
فقولها: "دخلت يهودية عليها". قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: الظاهر أن هذه الواقعة غير الأولى، وهي متأخرة عنها، فهذه الواقعة كانت بعد أن أوحي إليه، وأما قولها: "دخلت عليها عجوزتان الخ" فذاك عين هذه الواقعة، إلا أنه وقع الاقتصار على ذكر الواحدة أحيانًا، وجاء ذكرهما أخرى انتهى (١). وقولها: "أجارك اللَّه الخ": أي حفظك اللَّه تعالى. وقولها: قي فوقع في نفسي شيء": أي إنكار لما قالته.
وقوله: "إنهم ليعذّبون الخ" هذا يحتمل أنه قاله قبل أن يوحى إليه، فالضمير لليهود، ويحتمل أن يكون لأهل القبور، قاله بعد ما أحي إليه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهذا الاحتمال هو الذي أشار إليه السنديّ في كلامه المذكور آنفًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٠٦٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَتَانِ, مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ, فَقَالَتَا: إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ, يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ, فَكَذَّبْتُهُمَا, وَلَمْ أَنْعَمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا, فَخَرَجَتَا, وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّ عَجُوزَتَيْنِ, مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ, قَالَتَا: إِنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ, يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ, قَالَ: «صَدَقَتَا, إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا, تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ كُلُّهَا» , فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلَاةً, إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا طريق آخر أيضًا لحديث عائشة - رضي اللَّه عنها - أخرجه البخاريّ. و "محمد ابن قدامة": هو المصيصيّ الثقة. و"جربر": هو ابن عبد الحميد. و"منصور": هو ابن المعتمر.
(١) - "شرح السنديّ" ج ٣ ص ١٠٥.