للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"يهمهم" بضم أوله، وكسر الهاء، من الرباعيّ، يقال: أهمه الأمر. وجوز ابن التين فتح أوله، وضمّ ثانيه، من همّه الشيء: إذا آذاه، والأول أولى. ووقع عند مسلم: "قال: يا عائش الأمر أشدّ من أن ينظر بعضهم إلى بعض". وفي رواية له: "قلت: يا رسول اللَّه، فما نستحيي؟ قال: يا عائشة الأمر أهمّ من أن ينظر بعضهم إلى بعض". وللترمذي، والحاكم: "قرأت عائشة: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الآية [الأنعام: ٩٤]، فقالت: وا سوأتاه، الرجال والنساء يُحشرون جميعًا، ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟ فقال: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ} الآية، وزاد: ولا ينظر الرجال إلى النساء، ولا النساء إلى الرجال، شُغِل بعضهم عن بعض" انتهى مختصرًا (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا متفق عليه.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: فإن قيل: كيف يصحّ، وفيه بقية، وهو معروف بالتدليس عن الضعفاء، وكان أيضًا معروفا بتدليس التسوية؟.

أجيب: إنه لم ينفرد بهذا الحديث، بل تابعه عليه غيره، كما هو في "الصحيحين"، وغيرهما. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا - ١١٨/ ٢٠٨٣ و ٢٠٨٤ - وفي "الكبرى" ١١٨/ ٢٢١٠ و ٢٢١١.

وأخرجه (خ) ٦٥٢٧ (م) ٢٨٥٩ (ق) ٤٢٧٦ (أحمد) ٢٣٧٤٤ و ٢٤٠٦٧. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده:

منها: ما ترجم له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو إثبات البعث بعد الموت. ومنها: أن فيه بيان معنى قوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: ١٠٤]، وذلك أن الناس يبعثون حُفَاةً، ليس لهم خفّ، ولا نعل، عُرَاة، ليس لهم لباس تستر العورات، غُرْلاً، ليسوا مختونين. ومنها: بيان شدّة هول ذلك اليوم، حيث إن بعضهم لا يشعر بانكشاف عورته، ولا عورة غيره، بل هو مشغول بشأن نفسه، ومهتمّ بها، أينجو من النار، أم لا؟ ومنها: أن فيه حجة للقول الراجح: إن النساء يدخلن في خطاب الرجال، فإن قوله: "إنكم تحُشرون" خطاب للذكور، ولكنه شامل للنساء أيضًا، فإن


(١) - "فتح" ج ١٣ ص ١٩٩. "كتاب الرقائق". رقم الحديث ٦٥٢٧.