للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أحمد أيضا: كان يضع الحديث. وروه الحاكم في "مستدركه" عن أنس - رضي اللَّه عنه - وزاد: فقال أبو بكر، وعمر: "هذا الخضر"، وفي إسناده عباد بن عبد الصمد، وهو ضعيف جدًا.

[تنبيه]: قال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "الأمّ": وأكره المآتم، وهي الجماعة، وإن لم يكن لهم بكاء؛ فإن ذلك مما يجدّد الحزن، ويكلّف المؤنة انتهى.

وقال صاحب "المهذّب": ويكره الجلوس للتعزية؛ لأن ذلك محدث، والمحدث بدعة انتهى.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: ما حاصله: معنى الجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت، فيقصدهم من أراد التعزية، بل ينبغي لهم أن ينصرفوا في حوائجهم، فمن صادفهم عزّاهم، ولا فرق بين الرجال، والنساء في كراهة الجلوس لها. انتهى بتصرف (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: إن أراد صاحب "المهذب" بقوله: "محدث" أن الجلوس على الكيفية التي اعتادها الناس عند المصيبة، من اجتماعهم عند صاحب العزاء، وأكلهم الطعام، ونحو ذلك، وتكرار ذلك ثلاثة أيام، أو أكثر على حسب عادات الناس، وربما اشتمل اجتماعهم على منكرات، من اختلاط الرجال بالنساء، ونحو ذلك، مما يأباه الشرع الشريف، فهذا حقّ، لا شكّ فيه.

وإن أراد أن مطلق الجلوس محدث، فغير صحيح؛ لأنه ثبت الجلوس عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقد أخرج الشيخان، وغيرهما عن عائشة - رضي اللَّه عنها -، قالت: لما جاء النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قتل ابن حارثة، وجعفر، وابن رواحة - رضي اللَّه عنهم - جلس يُعرف فيه الحزن .... " الحديث. وقد ترجم الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لهذا الحديث بقوله: "باب من جلس عند المصيبة، يعرف فيه الحزن" انتهى.

والحاصل أن الجلوس للمصيبة مشروع إذا كان بوقار وسكينة، وليس فيه شيء من المنكرات، بل حتى يخفّ عنه الحزن. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - "المجموع" ج ٥ ص ٢٧٥ - ٢٧٩.