للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كلّه، وإنما يكره أن يقال: جاء رمضان، ودخل رمضان، وحضر رمضان، وأحبّ رمضان، ونحو ذلك.

والمذهب الثالث: مذهب البخاريّ والمحقّقين أنه لا كراهة في إطلاق رمضان بقرينة، وبغير قرينة، وهذا المذهب هو الصواب، والمذهبان الأولان فاسدان؛ لأنّ الكراهة إنما تثبت بنهي الشرع، ولم يثبت فيه نهي، وقولهم: إنه اسم من أسماء اللَّه تعالى، ليس بصحيح، ولم يصحّ فيه شيء، وإن كان قد جاء فيه أثر ضعيف، وأسماء اللَّه تعالى توقيفيّة، لا تطلق إلا بدليل صحيح، ولو ثبت أنه اسم لم يلزم منه كراهة، وهذا الحديث المذكور في الباب صريح في الردّ على المذهبين، ولهذا الحديث نظائر كثيرة في "الصحيح" في إطلاق "رمضان" على الشهر من غير ذكر الشهر انتهى كلام النووي -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله النووي تعالى -رحمه اللَّه تعالى- حسن جدًّا.

وحاصله أن إطلاق "رمضان" بدون إضافة "شهر" إليه هو الحقّ، وهو مذهب الجمهور، ومنهم البخاريّ، والمصنف؛ لكثرة الأدلّة على ذلك.

وقد بوّب الإمام البخاريّ في "صحيحه": "هل يقال: رمضان، أو شهر رمضان، ومن رأى كله واسعًا"، واحتجّ للجواز بعدّة أحاديث:

(منها): قوله - صلى اللَّه عليه وسلم - "من صام رمضان"، وقوله: "لا تقدّموا رمضان". (ومنها): حديث أبي هريرة المتقدّم في الباب الماضي بلفظ: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنّة". وبلفظ "إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء … ". وحديث ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، قال: قال رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه وسلم -:-لهلال رمضان- "إذا رأيتموه، فصوموا … ".

والحاصل أن الصواب جواز استعمال "رمضان" من غير إضافة لفظ "شهر" إليه، لكثرة وروده في الأحاديث "الصحيحة" وعدم صحّة ما يعارضها.

وأما ما ذكره في "الفتح" من أنه قد يُتمسّك للتقييد بالشهر بورود القرآن به، حيث قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: ١٨٥]، مع احتمال أن يكون حذف لفظ شهر من الأحاديث من تصرف الرواة.

فليس بصحيح؛ لأنّ وروده في القرآن كذلك لا يدلّ على منع استعمال غيره، ودعوى تصرّف الرواة مع كثرة الأحاديث الصحيحة باستعماله دون إضافة في


(١) - "شرح مسلم" ج ٧ ص ١٨٦ - ١٨٧.