للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معذور، فيجب عليهَ الاجتهاد في دخول الوقت، ويجب عليه العمل بما أدّى إليه اجتهاده، فإن تبيّن خطؤه بيقين أعاد، وحصول الغيم في المطالع أمر معتاد، والسبب الشرعيّ للوجوب إنما هو الرؤية، لا علم ذلك بالحساب؛ لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "إنا أمة أميّة، لا نحسب، ولا نكتب … " الحديث انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: فقد أجاد الحافظ العراقيّ في الاعتراض على ما قاله ابن دقيق العيد من الاعتماد على أن الهلال قد طلع، وقد ردّ الصنعاني عليه أيضًا في حاشيته "العدّة" ردّا جميلا، فراجع حاشيته ج ٣ ص ٣٢٨ - ٣٢٩.

قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: وقد ظهر بما بسطناه صحّة مذهب الجمهور في تعليق الحكم بالرؤية، دون غيرها، وبه قال مالك، والشافعيّ، وأبو حنيفة، وجمهور العلماء من السلف والخلف انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-، من ترجيح مذهب الجمهور في المسألة هو الحق الذي لا مَحِيد عنه؛ للأحاديث الصحيحة التي تدلّ على وجوب الاعتماد على الرؤية، دون غيره من الحساب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢١١٨ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ, وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ, فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ, فَاقْدُرُوا ثَلَاثِينَ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن عبد اللَّه بن يزيد": أبو يحيي المكيّ، ثقة [١٠] ١١/ ١١. و"عبد اللَّه بن يزيد": أبو عبد الرحمن المقرئ المكيّ، ثقة فاضل [٩] ٤/ ٧٤٦. و"ورقاء" بن عمر اليشكريّ، أبو بشر الكوفيّ نزيل المدائن، صدوق [٧] ٦٠/ ٨٦٦.

وقوله: "فاقدروا ثلاثين". بوصل الهمزة، وضم الدال، وكسرها: يعني حقّقوا مقادير أيام شعبان، حتى تكملوه ثلاثين يومًا، كما جاء في الرواية الأخرى. أفاده الحافظ السيوطيّ -رحمه اللَّه تعالى- في شرحه (١).

وقال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: قال أهل اللغة: يقال: قدَرتُ الشيء - بالتخفيف- أقدُره -بضم الدال، وكسرها، وقدّرته -بالتشديد- وأقدرته بهمزة أوله (٢)


(١) - "زهر الربى" ج٤ ص ١٣٤ - ١٣٥.
(٢) - هكذا ضبطه ولي الدين في "طرح التثريب" بهمزة أوله أيضًا، ولم أجد هذا فيما لديّ من كتب اللغة، فليحرّر. واللَّه تعالى أعلم.