للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أزواجه شهرًا، فتبين أن قوله في حديث أم سلمة، وأنس، وغيرهما - رضي اللَّه عنهم -: "آلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من نسائه" أريد به ذلك، ولم يُرَد به الحلف على الامتناع من الوطء، والروايات يفسّر بعضها بعضًا، فإن الإيلاء في اللغة مطلق الحلف، لكنه مستعمل في عرف الفقهاء في حلف مخصوص، وهو الحلف على الامتناع من وطء زوجته مطلقًا، أو مدّة تزيد على أربعة أشهر، فلا يستعمل الإيلاء عندهم فيما عدا ذلك، والإيلاء على الوجه المذكور حرام؛ لما فيه من إيذاء الزوجة، وليس هو المذكور في الحديث، ولو حلف على الامتناع من وطء الزوجة أربعة أشهر، فما دونها لم يكن حرامًا، وتعديته في حديث أم سلمة وغيرها بـ "من" يدلّ على ذلك؛ لأنه راعى المعنى، وهو الامتناع من الدخول، وهو يتعدّى بـ"من". قاله الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى- (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢١٣٢ - (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ صَالِحٍ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ, حَدَّثَهُ ح وَأَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا, أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ, عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ, مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, اللَّتَيْنِ قَالَ: اللَّهُ لَهُمَا {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] وَسَاقَ الْحَدِيثَ, وَقَالَ فِيهِ: فَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - نِسَاءَهُ, مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ, حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ, تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً, قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ قَالَ: «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا» , مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ, حِينَ حَدَّثَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- حَدِيثَهُنَّ, فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً, دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ, فَبَدَأَ بِهَا, فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ, آلَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا, وَإِنَّا أَصْبَحْنَا مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً, نَعُدُّهَا عَدَدًا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً»).

رجال هذا الإسناد: عشرة:

١ - (عُبيد اللَّه بن سعد بن إبراهيم) الزهريّ، أبو الفضل البغداديّ، قاضي أصبهان، ثقة [١١] ١٧/ ٤٨٠.

٢ - (عمه) يعقوب بن إبراهيم الزهريّ، أبو يوسف المدنيّ، نزيل بغداد، ثقة فاضل، من صغار [٩] ١٩٦/ ٣١٤.


(١) - "طرح التثريب" ج ٤ ص ١١٩.