للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عائشة، فقالت: ألا أبشّرك؟ إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد حرّم أمته، فنزلت". وعند ابن سعد، من طريق شعبة مولى ابن عباس، عنه: "خرجت حفصة من بيتها يوم عائشة، فدخل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بجاريته القبطية بيت حفصة، فجاءت، فرقبته، حتى خرجت الجارية، فقالت له: أما إني قد رأيت ما صنعتَ، قال: "فاكتمي عليّ، وهي حرام"، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأخبرتها، فقالت لها عائشة: أما يومي، فتعرَسُ فيه بالقبطيّة، ويسلم لنسائك سائر أيامهنّ، فنزلت الآية. وجاء في ذلك ذكر وجه ثالث، أخرجه ابن مردويه، من طريق الضحّاك، عن ابن عباس، قال: دخلت حفصة على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بيتها، فوجدت معه مارية، فقال: "لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة إن أباك يلي هذا الأمر بعد أبي بكر، إذا أنا متّ، فذهبت إلى عائشة، فاخبرتها، فقالت له عائشة ذلك، والتمست منه أن يحرّم مارية، فحرّمها، ثم جاء إلى حفصة، فقال: أمرتك ألا تخبري عائشة، فأخبرتها، فعاتبها على ذلك، ولم يعاتبها على أمر الخلافة، فلهذا قال اللَّه تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}. وأخرج الطبرانيّ في "الأوسط"، وفي "عشرة النساء" عن أبي هريرة نحوه بتمامه، وفي كلّ منهما ضعف.

وجاء في سبب غضبه منهنّ، وحلفه أن لا يدخل عليهنّ شهرًا قصة أخرى، فأخرج ابن سعد من طريق عمرة، عن عائشة، قالت: أُهدِيت لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - هديّة، فأرسل إلى كلّ امرأة من نسائه نصيبها، فلم ترض زينب بنت جحش بنصيبها، فزادها مرّة أخرى، فلم ترض، فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك (١)، تردّ عليك الهديّة، فقال: "لأنتنّ أهون على اللَّه من أن تُقمئنني، لا أدخل عليكنّ شهرًا … " الحديث. ومن طريق الزهريّ، عن عروة، عن عائشة نحوه، وفيه: "ذَبَحَ ذِبْحًا (٢)، فقسمه بين أزواجه، فأرسل إلى زينب بنصيبها، فردّته، فقال: زيدوها ثلاثًا، كلّ ذلك تردّه"، فذكر نحوه.

وفيه قول آخر، أخرجه مسلم من حديث جابر، قال: "جاء أبو بكر، والناس جلوس بباب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، لم يؤذن لأحد منهم، فأُذن لأبي بكر، فدخل، ثم جاء عمر، فاستأذن، فأذن له، فوجد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - جالسًا، وحوله نساؤه"، فذكر الحديث، وفيه: "هنّ حولي كما ترى، يسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة، وقام عمر إلى حفصة، ثم اعتزلهنّ شهرًا"، فذكر نزول آية التخيير.

ويحتمل أن يكون مجموع هذه الأشياء كان سببًا لاعتزالهنّ، وهذا هو اللائق بمكارم


(١) - يقال: قَمَأَه، كمنعه: قَمَعَه، وأقمأه: صغّره، وأذلّه. أفاده في "ق".
(٢) - الذِّبُح بالكسر: ما يُذبح. ق.