ولا يقربك شيطان حتى تصبح" الحديث، أخرجه البخاري تعليقًا، والمصنف في عمل اليوم والليلة.
ويحتمل أن يكون المراد بنفي القرب هنا أنه لا يقرب من المكان الذي يوسوس فيه، وهو القلب، فيكون مبيته على الأنف ليتوصل منه إلى القلب إذا استيقظ، فمن استنثر منعه من التوصل إلى ما يقصد من الوسوسة، فحينئذ فالحديث متناول لكل مستيقظ، أفاده الحافظ في الفتح جـ ٦، في كتاب "بدء الخلق" في باب "صفة إبليس" ص ٣٩٥. وبالله التوفيق، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بحديث الباب
المسألة الأولى: في درجته: حديث الباب متفق عليه.
المسألة الثانية: فيمن أخرجه:
أخرج حديث هذا الباب المصنف، والبخاري، ومسلم.
فأما المصنف: فأخرجه هنا وفي الكبرى ٦٩/ ٩٦ عن محمد بن زنبور، عن ابن أبي حازم، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة.
وأما البخاري: فأخرجه في بدء الخلق، في صفة إبليس، عن إبراهيم بن حمزة، عن عبد العزيز بن أبي حازم به.
وأما مسلم: فأخرجه في الطهارة عن بشْر بن الحكَم، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، به.
المسألة الثالثة: يستفاد من الحديث تأكد الاستنثار عند الاستيقاظ من النوم، وقد تقدم حكمه، واختلاف العلماء فيه في الباب السابق، وأن علته كون الشيطان يبيت على خيشوم الإنسان، ومبيت الشيطان، إما حقيقة؛ لأنه أحد منافذ الجسم يتوصل منها إلى القلب، والمقصود من الاستنثار إزالة آثاره، وإما مجاز، فإن ما ينعقد فيه من الغبار والرطوبة