للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فقد تفرد به هو، والترمذيُ. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخه، فمروزيّ. (ومنها): أن صحابيه من السابقين إلى الإِسلام، وهو صاحب سرّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقد روى مسلم في "صحيحه" أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ زِرٍّ) بن حُبيش، أنه (قَالَ: قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ) بن اليمان - رضي اللَّه عنهما - (أَيَّ سَاعَةٍ) بنصب "أيّ" على الظرفية متعلقة بقوله (تَسَحَّرْتَ) أي أكلت السحور (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -؟، قَالَ: "هُوَ النَّهَارُ) أي الوقت الذي تسحّرت فيه النهار (إِلاَّ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ") يعني أن الوقت هو النهار الحقيقيّ، غير أن الشمس لم تطلع، وهذا غاية كون الأكل وقع في النهار الحقيقيّ. [تنبيه]: نقل الحافظ أبو الحجّاج المزّيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "تحفة الأشراف" جـ٣ ص ٣١ - ٣٢ بعد أن أورد الحديث: ما نصّه: قال (س) -يعني النسائيّ-: لا نعلم أحدًا رفعه غير عاصم، فإن كان رفعه صحيحًا، فمعناه أنه قرب النهار، كقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [الطلاق: ٢]، معناه إذا قاربن البلوغ، وكقول القائل: بلغنا المنزل، إذا قاربه انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لم أر هذا الكلام للمصنّف، لا في "المجتبى"، ولا في "الكبرى"، ولعله لاختلاف النسخ، فاللَّه تعالى أعلم.

ثمّ إنه يُبعِد هذا التأويلَ تأكيدُ حذيفة - رضي اللَّه عنه -بقوله: "إلا أن الشمس لم تطلع"، فإنه ظاهر في كون المراد حقيقة النهار، لا مجازُه. فتنبّه.

وقال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: الظاهر أن المراد هو النهار الشرعيّ، والمراد بالشمس الفجر، والمراد أنه في قرب طلوع الفجر، حيث يقال: إنه النهار، نعم ما كان الفجر طالعًا انتهى (١).

وزاد في "شرحه" على "ابن ماجه": وقيل الحديث منسوخ، وهو مشكل بأن الصوم قد نُسخ فيه التشديد إلى التخفيف، دون العكس انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تأويل السنديّ قريب من التأويل المذكور عن النسائيّ،


(١) - "شرح السندي" ج ٤ ص ١٤٢.
(٢) - "شرح السندي" على ابن ماجه ج ٢ ص ٣٢٢.