للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُحتَمَل مخالفته، فإنه وإن كان إماما في القراءة، إلا أنه سيء الحفظ، ولذا لم يخرّج له الشيخان إلا مقرونا، فتفرده برفع هذا الحديث، ومخالفته لعديّ بن ثابت، وهو أوثق منه يدلّ على وَهَمِه، ويدلّ على رُجحان رواية عديّ على روايته رواية صِلَة بن زُفَر للحديث موقوفًا أيضًا.

والحاصل أن هذا الحديث لا يصحّ مرفوعًا، وإنما هو من فعل حذيفة - رضي اللَّه عنه -، فلا يكون حديثه معارضًا للأدلّة الصريحة الصحيحة على أن طلوع الفجر، وتبيّه يمنع من الأكل والشرب، ونحوهما، وعلى تقدير صحته يحتمل أن يكون قبل هذه النصوص، كما تقدّم عن الطحاويّ -رحمه اللَّه تعالى-. واللَّه تعالى علم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٢٠/ ٢١٥٢ و ٢١٥٣ و ٢١٥٤ - وفي "الكبرى"-٢١/ ٢٤٦٢ و ٢٤٦٣ و ٢٤٦٤ و ٢٤٦٥. وأخرجه (ق) في "الصوم" ١٦٩٥. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في الوقت الذي يحرم فيه الأكل والشرب في الصوم:

قال النووي -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح المهذّب": ما حاصله: مذهب الشافعيّ، وأبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وجماهير العلماء، من الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم أن وقت الصوم يدخل بطلوع الفجر، فيحرم الطعام، والشراب، والجماع به.

قال ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: وبه قال عمر بن الخطاب، وابن عباس، وعلماء الأمصار، قال: وبه نقول، قال: وروينا عن عليّ بن أبي طالب - رضي اللَّه عنه - أنه قال حين صلى الفجر: الآن حين تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود. قال: ورُوي عن حُذيفة - رضي اللَّه عنه - أنه لما طلع الفجر تسحّر، ثم صلى، قال: وروي معناه عن ابن مسعود. وقال مسروق: لم يكونوا يَعُدّون الفجر فجركم، إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق. قال: وكان إسحاق يميل إلى القول الأول من غير أن يطعن علي الآخرين، قال إسحاق: ولا قضاء على من أكل في الوقت الذي قاله هؤلاء. هذا كلام ابن المنذر انتهى كلام النوويّ (١).

وقال في "الفتح": وذهب جماعة من الصحابة -وقال به الأعمش من التابعين، وصاحبه أبو بكر بن عيّاش- إلى جواز السحور إلى أن يتّضح الفجر، فروى سعيد بن منصور (٢)، عن أبي الأحوص، عن عاصم، عن زرّ، عن حذيفة، قال: "تسحّرنا مع


(١) - "المجموع" ج ٥ ص ٣٢٤.
(٢) - كان الأولى للحافظ أن يعزو الحديث للنسائيّ، وابن ماجه، كما هو صنيع المحدثين في عزو الحديث للأمهات الست، ثم إلى غيرها.