للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بثقات المصريين. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ، والابن عن أبيه. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -:"إِن فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا) "الفصل" بمعنى الفاصل، و"ما" موصولة، والإضافة من إضافة الموصوف إلى الصفة، أي الفارق الذي بين صيامنا (وَصِيَامِ أَهْلِ الكِتَابِ) أي اليهود والنصارى (أَكْلَةُ السُّحُورِ") وفي نسخة: "السَّحَر"، وهو الذي في "صحيح مسلم"، وأبي داود.

قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: معناه الفارق والمميّز بين صيامنا وصيامهم السحور، فإنهم لا يتسحّرون، ونحن يستحبّ لنا أن نتسحّر.

و"أكلة السحر": هي السَّحور، وهي بفتح الهمزة، هكذا ضبطناه، وهكذا ضبطه الجمهور، وهو المشهور في روايات بلدنا، وهي عبارة عن المرّة الواحدة من الأكل، كالغَدْوَة، والعَشْوة، وإن أكثر المأكول فيها، وأما الأُكْلة -بالضمّ- فهي اللُّقْمة. وادّعى القاضي عياض أن الرواية فيه بالضمّ، ولعله أراد أن رواية أهل بلدهم فيها بالضمّ، قال: والصواب الفتح لأنه المقصود هنا. انتهى كلام النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

وقال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: روايتنا عن متقني شيوخنا "أَكْلَة" -بفتح الهمزة- وهي مصدر أكل أكلة، كضرب ضَرْبَةً، والمراد بها أكلُ ذلك الوقت، وقد روي أُكلة بضم الهمزة، وفيه بُعْدٌ؛ لأن الأكلة بالضمْ هي اللقمة، وليس المراد أن المتسحّر يأكل لقمة واحدة، ويصحّ أن يقال: إنه عبّر عما يُتّسحّر به باللقمة لقلّته. انتهى كلام القرطبيّ (٢).

وهذا الحديث يدلّ على أن السحور من خصائص هذه الأمة، ومما خُفّف به عنهم.

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه مسلم.


(١) - "شرح مسلم" ج ٨ ص ٢٠٨.
(٢) - "المفهم" ج ٣ ص ١٥٥ - ١٥٦.