للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان، وورد فيه حديث آخر أخرجه الترمذيّ من طريق صدقة بن موسى، عن ثابت، عن أنس - رضي اللَّه عنه -، أنه قال: سئل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أي الصوم أفضل بعد رمضان؟ قال: "شعبان؛ لتعظيم رمضان". قال الترمذيّ: حديث غريب، وصدقة عندهم ليس بذلك القويّ.

ويعارضه ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم".

وقيل: الحكمة في إكثاره من الصيام في شعبان دون غيره أن نساءه كنّ يقضين ما عليهنّ من رمضان في شعبان، وهذا عكس ما تقدّم في الحكمة في كونهنّ كنّ يؤخرن قضاء رمضان إلى شعبان؛ لأنه ورد فيه أن ذلك لكونهنّ كنّ يشتغلن معه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن الصوم.

وقيل: الحكمة في ذلك أنه يعقبه رمضان وصومه مفترض، وكان يكثر من الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهرين غيره لما يفوته من التطوّع بذلك في أيام رمضان.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: والأولى في ذلك ما جاء في حديث أصحّ مما مضى، أخرجه النسائيّ -٠/ ٢٣٥٧ - (١) وصححة ابن خزيمة عن أسامة بن زيد - رضي اللَّه عنهما - قال: قلت: يا رسول اللَّه، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمالُ إلى ربّ العالمين، فأُحِبّ أن يرفع عملي، وأنا صائم". ونحوه من حديث عائشة عند أبي يعلى، لكن قال فيه: "إن اللَّه يكتب كل نفس ميتة تلك السنة، فأحبّ أن يأتيني أجلي، وأنا صائم".

ولا تعارض بين هذا، وبين ما تقدّم من الأحاديث في النهي عن تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين، وكذا ما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني، فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يُحمل النهي على من لم تدخل تلك الأيام في صيام اعتاده. انتهى كلام الحافظ (٢) وهو كلام نفيس جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أم سلمة - رضي اللَّه عنها - هذا صحيح.


(١) - زاد في نسخة "الفتح" أبا داود، والظاهر أنه غلط، لأنه لم يخرجه، فليُتنبّه.
(٢) - راجع "الفتح" ج ٤ ص ٧٣٢ - ٧٣٤.