"صحيحه"، وذكر له أحاديث كثيرة فهو على شرطه، ويجوز أن يكون تركه لأجل تفرُّده به، وإن كان قد أخرج في "الصحيح" أحاديث انفرد بها رواتها، وكذلك فعل البخاريّ أيضًا، وللحفّاظ في الرجال مذاهب فعل كلّ منهم ما أدى إليه اجتهاده من القبول والردّ انتهى كلام المنذريّ (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحق أن حديث العلاء هذا صحيح، كما قال به جمع من العلماء، فالأولى أن يُسلَك مسلك الجمع كما تقدّم قريبًا.
قال الحافظ: وقد استدلّ البيهقيّ على ضعفه بحديث النهي عن تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين المذكور في البابين السابقين، وكذا صنع قبله الطحاويّ، واستظهر بحديث أنس مرفوعًا:"أفضل الصيام بعد رمضان شعبان". لكنه ضعيف، كما تقدّم، واستظهر أيضًا بحديث عمران بن حُصين - رضي اللَّه عنهما -: أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لرجل:"هل صمت من سَرَرِ هذا الشهر شيئًا؟ " قال: لا، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فإذا أفطرت رمضان، فصم يومين مكانه". متفق عليه.
و"السَّرَر" -بفتح السين المهملة"، ويجوز كسرها، وضمها- ويقال أيضًا: سرار - بفتح أوله، وكسره، ورجح الفرّاء الفتح- وهو الاستسرار، قال أبو عُبيدة، والجمهور: المراد بالسرر هنا آخر الشهر، سميت بذلك لاستسرار القمر فيها، وهي ليلة ثمان وعشرين، وتسع وعشرين، وثلاثين. ونقل أبو داود عن الأوزاعيّ، وسعيد بن عبد العزيز أن سرره أوله. ونقل الخطابيّ عن الأوزاعيّ كالجمهور. وقيل: السرر وسط الشهر، حكاه أبو داود أيضًا، ورجحه بعضهم، ووجَّهَه بأن السرر جمع سرّة، وسرّة الشيء وسطه، ويؤيده الندب إلى صيام البيض، وهي وسط، وأنه لم يرد في صيام آخر الشهر ندب، بل ورد فيه نهي خاصّ بآخر شعبان لمن صامه لأجل رمضان، ورجحه النوويّ بأن مسلمًا أفرد الرواية التي فيها سرّة هذا الشهر عن بقية الروايات، وأردف بها الروايات التي فيها الحضّ على صيام البيض، وهي وسط الشهر، كما تقدّم.
قال الحافظ: لكن لم أره في جميع طرق الحديث باللفظ الذي ذكره، وهو "سرّة"، بل هو عند أحمد من وجهين بلفظ: "سرار"، وأخرجه من طرق عن سليمان التيميّ في بعضها "سرر"، وفي بعضها "سرار"، وهذا يدلّ على أن المراد آخر الشهر. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قال فيه الحافظ: إنه لم يره في جميع طرق الحديث لعله في النسخة التي عنده، وإلا فهو موجود في النسخة التي عندي من