(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن شيخه أحد مشايخ الجماعة الذين يرون عنهم دون واسطة. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، وعمار - رضي اللَّه عنه - كان أميرًا على الكوفة لعمر - رضي اللَّه عنهما -، (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ صِلَةَ) -بكسر المهملة، وفتح اللام المخففة- ابن زُفَر -بزاي، وفاء- وزان عمر، كوفي عَبْسيّ -بموحدة، ومهملة- من كبار التابعين، وفضلائهم، ووَهِمَ ابن حزم، فزعم أنه صِلَة ابن أشيم، والمعروف أنه ابن زُفَر (١). وقد وقع مصرّحًا به عند الترمذيّ، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم (قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمّارٍ) بن ياسر - رضي اللَّه عنهما - (فأُتِيَ) بالبناء للمفعول (بشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ) -بفتح، فسكون- اسم مفعول، من صَلَيتُ اللحمَ بالنار: إذا شويتَهُ. قالَه في "المصباح". أي بشاة مشويّة (فَقَالَ) عمار - رضي اللَّه عنه -للقوم الحاضرين عنده (كُلُوا، فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ) أي قام، وابتعد من مجلس الأكل (قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ) جملة في محلّ نصب على الحال، أي حال كونه قائلاً للاعتذار: إني صائم (فَقَالَ عَمَّارٌ) - رضي اللَّه عنه - (مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذي يُشَكُّ فِيهِ) ببناء الفعل للمفعول، مسندا إلى قوله (فيه) قال في "الفتح": استُدلّ به على تحريم صوم يوم الشكّ؛ لأن الصحابيّ لا يقول ذلك من قبل رأيه، فيكون من قبيل المرفوع.
قال ابن عبد البرّ: -رحمه اللَّه تعالى-: هو مسند عندهم، لا يختلفون في ذلك، وخالفهم الجوهريّ المالكيّ، فقال: هو موقوف.
والجواب أنه موقوف لفظًا، مرفوع حكمًا.
وقال الطيبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: إنما أَتَي بالموصول، ولم يقل: يوم الشكّ مبالغةً في أن صوم يوم فيه أدنى شكّ سبب لعصيان صاحب الشرع، فكيف بمن صام يومًا الشكّ فيه قائم ثابت، ونحوه قوله تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}[هود: ١١٣] أي الذين أُونِس منهم ظلم، فكيف بالظالم المستمرّ عليه انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يعكُرُ على ما قاله الطيبيّ كونه وقع في بعض طرق الحديث بلفظ: "من صام يوم الشكّ". فليُتَأَمَّل. واللَّه تعالى أعلم.