للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مطلقًا، والحكم بأنه عصى تغليظ على تقدير القول بالكراهة انتهى.

وقال الشوكانيّ في "السيل الجرّار": الواردُ في هذه الشريعة المطهرة الصوم للرؤية، أو لكمال العدّة، ثم زاد الشارع هذا إيضاحًا وبيانًا، فقال: "فإن غمّ عليكم، فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين يومًا، فهذا بمجرّده يدلّ على المنع من صوم يوم الشكّ، فكيف، وقد انضمّ إلى ذلك ما هو ثابت في "الصحيحين" وغيرهما من نهيه - صلى اللَّه عليه وسلم - لأمته عن أن يتقدّموا رمضان بيوم أو يومين، فإذا لم يكن هذا نهيًا عن صوم يوم الشكّ، فلسنا ممن يَفهَم كلامَ العرب، ولا ممن يَدري بواضحه، فضلاً عن غامضه، ثم انضمّ إلى ذلك حديث عمار -يعني حديث الباب- فذكره، وذكر تصحيحه عن الترمذيّ، وابن خزيمة، وابن حبّان. انتهى.

وقد ألف ابن الجوزيّ مصنّفا مستقلا سماه "درء اللَّوْمِ والضَّيْم في صوم يوم الغيم"، حكى فيه القولَ بصومه عن عليّ، وعائشة، وعمر، وابن عمر، وأنس، وأسماء بنت أبي بكر، وأبي هريرة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والحكم بن عمرو الغفاريّ - رضي اللَّه عنهم -.

وردّ عليه الحافظ العراقيّ، فقال: لم يقل به أحد من العشرة الذين ذكرهم، إلا ابن عمر، وأسماء، وعائشة، واختلف عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنهم -.

قال البيهقيّ: ومتابعة السنة الثابتة، وما عليه أكثر الصحابة، وعوامّ أهل العلم أولى

بنا انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بما ذُكر أن المذهب الراجح أنه لا يجوز صوم يوم الشكّ مطلقًا، لا نفلاً، ولا غيره، إلا من كان له عادة بصومه، كما استثناه النصّ الصريح، وما عدا هذا مما سمعت من الأقوال المنتشرة المتخالفة غير صحيح؛ لمخالفته لما صحّ عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فتبصّر بالإنصاف، ولا تَتَهَوَّر بتقليد ذوي الاعتساف. واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٢٨٩ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ, عَنْ أَبِي يُونُسَ, عَنْ سِمَاكٍ, قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عِكْرِمَةَ, فِي يَوْمٍ قَدْ أُشْكِلَ (١) , مِنْ رَمَضَانَ هُوَ, أَمْ مِنْ شَعْبَانَ؟ , وَهُوَ يَأْكُلُ خُبْزًا, وَبَقْلاً, وَلَبَنًا, فَقَالَ لِي: هَلُمَّ. فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ,

قَالَ -وَحَلَفَ بِاللَّهِ-: لَتُفْطِرَنَّ, قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ, مَرَّتَيْنِ, فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يَحْلِفُ, لَا يَسْتَثْنِي, تَقَدَّمْتُ, قُلْتُ: هَاتِ الآنَ مَا عِنْدَكَ, قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ, يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «صُومُوا


(١) - وفي بعض النسخ: "يعني قد أشكل".