للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سُبْحَانَ اللَّهِ، مرَتَيْنِ) ظرف لـ "قلت" (فَلَمَّا رَأَيْتُهُ يَحْلِفُ، لَا يَسْتَثْنِي) أي لا يستثني شيئًا من أنواع الصوم في ذلك، يعني أنه أمره بالإفطار من صومه على الإطلاق (تَقَدّمْتُ) أي إلى الأكل (قُلْتُ) حال من الفاعل، أي قائلاً (هَاتِ الْاَنَ مَا عِنْدَكَ) أي أَحضِر، واذكر لي ما ثبت لديك من الحجة على أمرك بالإفطار، مؤكِّدّا ذلك بالحلف (قَالَ) عكرمة مبيّنًا حجته التي تمسك بها في ذلك (سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ) - رضي اللَّه عنهما - (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ") أي لرؤية هلال رمضان (وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) أي لرؤية هلال شوّال (فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابَةٌ، أَوْ ظُلْمَةٌ) أي بسبب غبار أو نحوه (فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ عِدَّةَ شَعْبَانَ) بنصب "عدّةَ" على أنه بدل من "العدّة" (وَلَا تَسْتَقْبلُوا الشَّهْرَ، اسْتِقْبَالاً) أي لا تتقدّموا شهر رمضان بالصوم (وَلَا تَصِلُوا رَمَضَانَ بِيوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ) أي لا تصلوا صوم رمضان بصوم يوم من شعبان.

والظاهر أن قوله: "ولا تصلوا الخ" بمعنى قوله: "لا تستقبلوا الخ"، ويحتمل أن يكون المراد بالاستقبال صوم يوم الشكّ على أن يُحسب من رمضان احتياطا، وقوله: "ولا تصلوا رمضان الخ" صومه تطوّعًا.

وعلى كلّ فالحديث يدلّ على تحريم صوم الشكّ، إلا ما ثبت استثناء الشارع له، وهو الصوم لمن اعتاد صومه، فإنه يجوز أن يصومه، كما تقدّم، ويأتي أيضًا في الباب التالي، إن شاء اللَّه تعالى.

واستدلال عكرمة -رحمه اللَّه تعالى- على أمره سماكًا بالإفطار، وحلفه على ذلك من غير استثناء نوع من الصيام يُحمَل على أنه لم يسمع استثناء الشارع لما ذكر. واللَّه تعالى أعلم.

والحديث تقدم تخريجه في ١٣/ ٢١٢٩، وهو صحيح، ولا يضرّه الكلام في سماك عن عكرمة؛ لما سبق له من الشواهد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب ".