للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطيالسي في "مسنده"، عن شعبة، عن محمد بن زياد، ولفظه: "قال ربّكم تبارك وتعالى: كلّ العمل كفّارة إلا الصوم". ورواه قاسم بن أصبغ من طريق أخرى، عن شعبة بلفظ: كلّ ما يعمله ابن آدم كفّارة له إلا الصوم". وقد أخرجه البخاريّ في "التوحيد" عن آدم، عن شعبة بلفظ: "يرويه عن ربكم، قال: لكلّ عمل كفّارة، والصوم لي، وأنا أجزي به"، فحذف الاستثناء. وكذا رواه أحمد عن غندر، عن شعبة، لكن قال: "كلّ العمل كفّارة"، وهذا يخالف رواية آدم؛ لأن معناه أن لكلّ عمل من المعاصي كفّارة من الطاعات، ومعنى رواية غندر: كلّ عمل من الطاعات كفّارة للمعاصي. وقد بين الإسماعيليّ الاختلاف فيه في ذلك على شعبة. وأخرجه من طريق غندر بذكر الاستثناء، فاختلف فيه أيضًا على غندر، والاستثناء المذكور يشهد لما ذهب إليه ابن عيينة، لكنه وإن كان صحيح السند، فإنه يعارضه حديث حذيفة: "فتنة الرجل في أهله، وماله، وولده يكفّرها الصلاة، والصيام، والصدقة".

(عاشرها): أن الصوم لا يظهر، فتكتبه الحفظة كما تكتب سائر الأعمال، واستند قائله إلى حديث واهٍ جدًا أورده ابن العربيّ في "المسلسلات ولفظه: "قال اللَّه: الإخلاص سرّ من سرّي، استودعته قلب من أُحبْ، لا يطّلع عليه ملك، فيكتبَهُ، ولا شيطان، فيفسدَهُ". ويكفي في ردّ هذا القول الحديثُ الصحيح في كتابة الحسنة لمن همّ بها، وإن لم يعملها.

قال الحافظ: فهذا ما وقفت عليه من الأجوبة، وقد بلغني أن بعض العلماء بلّغها إلى أكثر من هذا، وهو الطالقانيّ في "حظائر القدس" له، ولم أقف عليه (١).

قال الحافظ: وأقرب الأجوبة التي ذكرتها إلى الصواب الأول، والثاني، ويقرب منها الثامن والتاسع.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي الأقرب هو الجواب الثاني، وهو أنه تعالى منفرد بعلم مقدار ثوابه، وأنه يثيب الصائم بغير حساب، فهذا هو الذي يؤيّده السياق، بل هو كالصريح فيه، حيث قال: "كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى


(١) - قال الحافظ السيوطي في "زهر الربى" ج٤ ص ١٦١: بعد أن ذكر كلام الحافظ هذا: ما نصّه: قدت: قد وقفت عليه، فرأيته بلّغها إلى خمسة وخمسين قولاً، وسأسوقها إن شاء اللَّه تعالى في التعليق الذي على ابن ماجه انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: راجعت تعليقه على ابن ماجه، من النسخة الهندية التي كتبت التعليق المذكور، فلم أجد الأقوال، ولعله لاختلاف النسخ، أو لم يوفّق لذكر الأقوال، كما وعد. واللَّه تعالى أعلم.