قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا طريق ثالث لحديث معاذ - رضي اللَّه عنه - أيضًا، ساقه لبيان الاخلاف على الحكم، فقد رواه في رواية حبيب، وسليمان السابقتين عن ميمون، عن معاذ، ورواه في رواية شعبة هنا عن عروة، عن معاذ - رضي اللَّه عنه -.
و"محمد": هو ابن جعفر المعروف بغندر".
و"عروة بن النّزّال": -بنون، وزاي ثقيلة- ويقال فيه: النزّال بن عروة، ويقال: اسم جدّه سَبْرَة، كوفيّ مقبول [٢].
روى عن معاذ بن جبل حديث الباب. وعنه الحكم بن عتيبة. ذكره ابن حبّان في "الثقات". روى له المصنّف حديث الباب فقط.
[تنبيه]: ذكر الحافظ أبو الحجّاج المزّيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "تحفة الأشراف" جـ٨ ص٤١٠ بعد عزو الحديث للمصنّف: ما نصّه: رواه رَوْحُ بن عُبَادة، وعمرو بن مرزوق، كلاهما عن شعبة، عن الحكم، عن عروة بن النّزّال، أو النزّال بن سَبْرَة، عن معاذ. قال روح، عن شعبة: فقلت له: سمعه من معاذ؟ قال: لم يسمعه منه، وقد أدركه انتهى ما ذكره المزّيّ.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: معنى هذا الكلام أن شعبة سأل الحكم هل سمع عروة بن النزّال هذا الحديث من معاذ؟، فقال: لم يسمعه منه، وإن كان أدركه.
وهذا يدلّ على أنه منقطع، وقد سبق أن رواية ميمون أيضًا منقطعة، لكن الحديث صحيح بشواهده، كما سبق بيانه، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٢٢٧ - (أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ, عَنْ حَجَّاجٍ, عَنْ شُعْبَةَ, قَالَ لِي الْحَكَمُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً, ثُمَّ قَالَ الْحَكَمُ: وَحَدَّثَنِي بِهِ مَيْمُونُ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ, عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -:"حجاج": هو ابن محمد الأعور. وقوله: "عن شعبة، قال لي الحكم الخ" يقدر بعد قوله: "عن شعبة" لفظ "أنه قال"، فيقال: عن شعبة، أنه قال: قال لي الحكم الخ. وفي نسخة: "قال شعبة: قال لي الحكم الخ"، وهي ظاهرة.
والمعنى أن الحكم قال لشعبة: سمعتُ الحديثَ المذكور من عروة بن النزّال من أربعين سنة، فضمير "منه" لـ"عروة" المتقدّم في السند الماضي. و"منذ" هنا بمعنى "من" الابتدائية، لأنها إذا كانت للماضي تكون بمعنى "من"، وإذا كانت للحال تكون بمعنى "في"، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":
وَمُذْ وَمُنْذُ اسْمَانِ حَيْثُ رَفَعَا … أَوْ أُولِيَا الفِعْلَ كَجِئْتُ مُذْ دَعَا