للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكن مثل هذا الاختلاف لا يضرّ في صحّة الحديث؛ لاحتمال أن يكون مجاهد أخذه عن ابن عباس بواسطة طاوس، ثم لقيه، فأخذه منه، أو ثَبَّتَه طاوس.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- عند قول البخاريّ: "عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس": ما نصّه: كذا عنده من طريق أبي عوانة، عن منصور، عن مجاهد. وكذا أخرجه من طريق جرير، عن منصور في "المغازي". وأخرجه النسائيّ من طريق شعبة، عن منصور، فلم يذكر طاوسًا في الإسناد. وكذا أخرجه من طريق الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس.

فيحتمل أن يكون مجاهد أخذه عن طاوس، عن ابن عباس، ثم لقي ابن عباس، فحمله عنه، أو سمعه من ابن عباس، وثَبَّتَه فيه طاوس، وقد تقدّم نظير ذلك في حديث ابن عباس في قصّة الجريدتين على القبرين في "الطهارة" انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٢٢٩٠ - (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - إِلَى مَكَّةَ, فَصَامَ حَتَّى أَتَى عُسْفَانَ, فَدَعَا بِقَدَحٍ (٢) فَشَرِبَ".

قَالَ: شُعْبَةُ: فِي رَمَضَانَ, فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ, يَقُولُ: مَنْ شَاءَ صَامَ, وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "إسماعيل بن مسعود": هو الجَحدَريّ البصريّ، من أفراد المصنّف. و"خالد": هو ابن الحارث الْهُجَيميّ البصري الثّبت.

وقوله: "عُسفان" -بضمّ العين المهملة، وسكون السين المهملة-: قال الفيّوميّ: موضع بين مكة والمدينة، وُيذَكّر ويؤئث، ويسمّى في زماننا مَدْرَجَ عثمان، وبينه وبين مكة نحو ثلاث مراحل، ونونه زائدة انتهى (٣).

وقوله: "قال شعبة: في رمضان". ظاهر هذه الرواية أن قوله: "في رمضان" من قول شعبة، لكن الرواية السابقة من طريق ابن المبارك، عنه ظاهرة في أنه من نفس الحديث، ولفظه: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - خرج في رمضان، فصام الخ"، وكذا رواية جرير، عن منصور التي بعد هذا بلفظ: "سافر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في رمضان"، ولعل شعبة أحيانًا يذكرها في آخر الحديث، فظنّ بعض الرواة أنها من كلامه. واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "فكان ابن عباس الخ". يعني أن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - فَهِم من فعله - صلى اللَّه عليه وسلم - ذلك أنه


(١) - الفتح ج ٤ ص ٦٩٨.
(٢) - وفي نسخة: "فأُتي بقدح".
(٣) - المصباح المنير.