(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير أزهر، كما سبق آنفًا. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، إلا شيخه، فنيسابوريّ، وسليمان، والصحابيّ، فمدنيان. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. (ومنها): أن فيه سليمان من الفقهاء السبعة المشهورين بالمدينة، وقد تقدموا غير مرّة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَميّ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ؟) وفي الرواية الآتية من طريق بكير، عن سليمان:"قال: يا رسول اللَّه، إني أجد قوّة على الصيام في السفر". وفي رواية أبي مُرواح، عن حمزة الآتية:"أجد قوّةً على الصيام في السفر، فهل عليّ جُنَاح"(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - ("إِنْ" ثُمَّ ذَكَرَ كلِمَةً، مَعْنَاهَا:"إِنْ شِئْتَ صُمْتَ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْطَرْتَ") معنى هذا الكلام أن الراوي لم يحفظ لفظ الكلمة التي ذكرها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عد أداة الشرط، وهي "إن"، وإنما حفظ معناها، وهو:"إن شئتَ صُمتَ، وإن شئتَ أفطرتَ". وسمى الجملتين كلمة مجازًا. وفي نسخة:"إن شئت فصم، وإن شئت، فأفطر".
وفي رواية أبي مُراوح المذكورة:"قال: هي رخصة من اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، فمن أخذ بها، فحسن، ومن أحبّ أن يصوم فلا جناح عليه". وهذه الرواية ظاهرة في أن سؤاله كان عن صوم رمضان، إذ لا يقال:"هي رخصة الخ" إلا للفرض.
قال ابن دقيق العيد -رحمه اللَّه تعالى- في قوله:"أأصوم في السفر؟ "-: ليس فيه تصريح بأنه صوم رمضان، فلا يكون فيه حجة على مَنْ مَنَعَ صيام رمضان في السفر.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وهو كما قال بالنسبة إلى سياق حديث الباب، لكن في رواية أبي مُراوح التي ذكرتها عند مسلم أنه قال: يا رسول اللَّه أجد بي قوّة … " الحديث. وهذا يشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة، وذلك أن الرخصة إنما تطلق في مقابلة ما هو واجب. وأصرح من ذلك ما أخرجه أبو داود، والحاكم من طريق محمد بن حمزة بن عمرو، عن أبيه، أنه قال: "يا رسول اللَّه، إني صاحب ظهر أعالجه، أسافر عليه، وأكريه، وإنه ربما صادفني هذا الشهر -يعني رمضان- وأنا أجد القوّة، وأجدني أن أصوم أهون عليّ من أن أخّره، فيكون دينًا عليّ؟ فقال:"أيّ ذلك شئت يا حمزة" انتهى (١).