قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تقدّم أن الراجح هو ما ذهب إليه الأوزاعيّ، والكوفيون؛ لأنه لا دليل على إيجاب الفدية مع الصوم. واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: قد اختلف السلف في الحدّ الذي إذا وجده المكلّف جاز له الفطر، والذي عليه الجمهور أنه المرض الذي يحيى له التيمم مع وجود الماء، وهو ما إذا خاف على نفسه لو تمادى على الصوم، أو على عضو من أعضائه، أو زيادة في المرض الذي بدأ به، أو تماديه. وعن ابن سيرين: متى حصل للإنسان حال يستحقّ بها اسم المرض، فله الفطر، وهو نحو قول عطاء. وعن الحسن والنخعيّ: إذا لم يقدر على الصلاة قائمًا يفطر. قاله في "الفتح"(١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي ذهب إليه الجمهور هو الأرجح عندي؛ لأن اللَّه تعالى رخّص في الفطر للمريض، إزالة للضرر، فإذا كان مرضه خفيفًا لا يتضرّر بالصوم، ولا يشقّ معه فلا حاجة له للرخصة. واللَّه تعالى أعلم.
(فدّيَةٌ، طَعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ، {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} طَعَامُ مِسكِينٍ آخَرَ، لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ) أي الآية على هذا المعنى ليست منسوخة، وجملة "ليست منسوخة" معترضة بين تفسير الآية {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} لَا يُرَخَّصُ في هَذَا، إِلاَّ لِلَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ) قد يؤخذ منه الإشارة إلى التوجيه المشهور، وهو تقدير "لا" للقراءة المشهورة على هذا المعنى (أَوْ مَرِيضٍ لَا يُشْفَى) بالبناء للمفعول، والجملة صفة لـ "مريض". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٦٣/ ٢٣١٧ وفي "الكبرى" ٦٣/ ٢٦٢٦ وفي "التفسير" ٢٥/ ١١٠١٨ و ١١٠١٩ وأخرجه (خ) في "التفسير" ٤٥٠٥ (د) في "الصوم" ٢٣١٦ و ٢٣١٧ و ٢٣١٨. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".