للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَهْرٌ، يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ) بضم الفاء، من باب قعد: إذا ترك وسها (بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ) أراد -واللَّه أعلم- أنهم يكثرون العبادة في هذين الشهرين، ويتساهلون بينهما في شعبان (وَهُوَ شَهْرٌ، تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ، إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ) أي فينبغي أن تكون الأعمال فيه صالحة، ولا سيما أفضل الأعمال، وهو الصوم، فلذا قال (فَأُحِبُّ أَنْ يرفَعَ عَمَلِي، وَأَنَا صَائِمٌ) قال الشيخ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: إن قلت: ما معنى هذا مع ما ثبت في "الصحيحين" أن اللَّه تعالى يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل"؟.

قلت: يحتمل أمرين:

(أحدهما): أن أعمال العباد تُعرض على اللَّه تعالى كلّ يوم، ثم تعرض عليه أعمال الجمعة في كلّ اثنين وخميس، ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان، فتعرض عرضًا بعد عرض، ولكلّ عرض حكمة يُطْلِع عليها من يشاء من خلقه، أو يستأثر بها عنده مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية ..

(ثانيهما): أن المراد أنها تُعرض في اليوم تفصيلاً، ثم في الجمعة جملة، أو بالعكس انتهى (١) واللَّه تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أسامة بن زيد - رضي اللَّه عنهما - هذا حديث حسن، وهو من أفراد المصنّف، أخرجه هنا- ٧٠/ ٢٣٥٧ - وفي "الكبرى" ٧٠/ ٢٦٦٦. وأخرجه (أحمد) في "مسند الأنصار" ٢١٢٤٦. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٣٥٨ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ, أَبُو الْغُصْنِ, شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ, قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّكَ تَصُومُ حَتَّى لَا تَكَادَ تُفْطِرُ, وَتُفْطِرُ حَتَّى لَا تَكَادَ أَنْ تَصُومَ, إِلاَّ يَوْمَيْنِ, إِنْ دَخَلَا فِي صِيَامِكَ, وَإِلاَّ صُمْتَهُمَا, قَالَ: «أَيُّ يَوْمَيْنِ؟» , قُلْتُ: يَوْمَ الاِثْنَيْنِ, وَيَوْمَ الْخَمِيسِ, قَالَ: «ذَانِكَ يَوْمَانِ, تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ, عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ, فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي, وَأَنَا صَائِمٌ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث جزء من الحديث السابق، فرّقه المصنّف، ولعله سمعه من شيخه مفرّقًا، فساقه كما سمعه، وقد ساقه الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى- بسند المصنّف مساقًا واحدًا، في "مسنده"، فقال:


(١) - انظر "زهر الربى" ج ٤ ص ٢٠٢ - ٢٠٣.