ثم سكن البصرة، ويقال: إنه كان من الأجواد. روى له البخاريّ في "الأدب المفرد"، والمصنّف، وله عنده هذا الحديث ٢٤٣٣ و ٢٤٣٤.
وقوله: "سألت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن الصوم": أي عن مقدار ما أصومه من الأيام. وقوله: "تقول: يا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - زدني زدني"، وفي "الكبري": قال: "يقول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - "زني زدني".
وظاهر هذا الكلام منه - صلى اللَّه عليه وسلم - على سبيل الاستنكار، كأنه - صلى اللَّه عليه وسلم -استنكر طلب الزيادة منه، ويوضّح هذا المعنى ما يأتي في الرواية التالية من قوله: "فما كاد أن يزيده".
وقوله: "لَيَرُدُّني": -بالراء- من الرّدّ، وفي "الكبرى": "إن يزيدُني" -بالزاي- من الزيادة، وعليه فـ"إن" نافية، أي ما يزيدني، فيكون معنى النسختين واحدًا.
وقوله: "يومين من كلّ شهر": أي صُمْ يومين. واللَّه تعالى أعلم.
والحديث صحيح الإسناد، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا- ٨٥/ ٢٤٣٣ و ٢٤٣٤ - وفي "الكبرى" ٨٥/ ٢٧٤٠ و ٢٧٤١. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٤٣٤ - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَّمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ, عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبٍ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, عَنِ الصَّوْمِ, فَقَالَ: «صُمْ يَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» , وَاسْتَزَادَهُ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَجِدُنِي قَوِيًّا فَزَادَهُ قَالَ: «صُمْ يَوْمَيْنِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» , فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي, يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي أَجِدُنِي قَوِيًّا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «إِنِّي أَجِدُنِي قَوِيًّا, إِنِّي أَجِدُنِي قَوِيًّا» , فَمَا كَادَ أَنْ يَزِيدَهُ, فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "عبد الرحمن بن محمد بن سَلّام" -بتشديد اللام- ابن ناصح البغداديّ، ثم الطرَسوسيّ، أبو القاسم، مولى بني هاشم، وقد ينسب لجده، لا بأس به [١١] ١٧٢/ ١١٤١.
وقوله: "بأبي أنت وأمي". الضمير مبتدأ، والجارّ والمجرور متعلّق بالخبر المقدّر: والتقدير: أنت مَفْديّ بأبي، وأمي.
وقوله: "إني أجدني قويا، إني أجدني قويا" مكررًا استنكار منه - صلى اللَّه عليه وسلم - لطلب المزيد، لأنه ربما يشقّ عليه، ويقع في حرج بسبب كثرة الصيام، فأراد أن يكتفي بصوم يومين من الشهر، فلما ألحّ عليه قال له: "صم ثلاثة أيامِ من الشهر".
اللَّهُمَّ زِدْنَا، وَلَا تَنْقُصّنَا، وَأَكْرِمْنَا، وَلَا تُهِنَّا، وَأعْطِنَا، وَلَا تحرِمْنَا، وَآثِرْنَا، وَلَا تُؤْثِرْ