الحضرميّ، وشهر بن حوشب، وأبو سلاّم الأسود، وغيرهم. وروى أبو سلاّم أيضًا عن عبد الرحمن بن غنم، عنه. وقيل: إن الذي روى عنه أبو سلاّم آخر.
قال شَهْر بن حَوْشَب، عن عبد الرحمن بن غنم: طُعن معاذ بن جبل، وأبو عُبيدة بن الجراح، وشُرحبيل بن حسنة، وأبو مالك الأشعريّ في يوم واحد. وقال ابن سعد، وخليفة: توفي في خلافة عمر.
وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": ما خلاصته: أبو مالك الأشعريّ الذي روى عنه أبو سلاّم، وشهر بن حوشب، ومن في طبقتهما هو الحارث بن الحارث الأشعريّ، وقد ذكرت في ترجمته ما يدلّ على ذلك، وبيّنت أنه تأخرت وفاته، وأما أبو مالك الأشعريّ هذا فهو آخر قديم، كما تقدّم هنا أنه مات في خلافة عمر، هو، ومعاذ بن جبل، وغيرهما، قال: والفصل بينهما في غاية الإشكال انتهى. علّق له البخاريّ، وأخرج له الباقون، وله عند المصنف هذا الحديث فقط. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من سباعيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم ثقات. (ومنها): أنه مسلسل بالشاميين، غير شيخه، فإنه بغدادي. (ومنها): أن فيه رواية تابعي، عن تابعي، وروية الراوي عن أخيه، عن جده. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَنْمٍ) الأشعريّ، ورواه مسلم من طريق أبي سلاّم، عن أبي مالك، بإسقاط عبد الرحمن بن غنم، فتكلّم فيه الدارقطنيّ وغيره، وقال النوويّ: يمكن أن يجاب عن مسلم بأن الظاهر من حاله أنه علم سماع أبي سلاّم لهذا الحديث من أبي مالك، فيكون أبو سلاّم سمعه من أبي مالك، وسمعه أيضًا من عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك، فرواه مرّة عنه، ومرّة عن عبد الرحمن، عنه انتهى (أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيّ) - رضي اللَّه عنه - (حَدَّثَهُ) أي حدّث عبد الرحمن بن غنم (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ:"إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ) ولفظ مسلم: "الطهور شطر الإيمان".
قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: وَذَكَرُوا في توجيهه وجوهًا لا تناسب رواية الكتاب: منها: أن الإيمان يطهّر نجاسة الباطن، والوضوء يطهّر نجاسة الظاهر، وهذا إن تمّ يفيد أن الوضوء شطر الإيمان، كرواية مسلم، لا أن إسباغه شطر الإيمان، كما في رواية الكتاب، مع أنه لا يتمّ, لأنه يقتضي أن يُجعل الوضوء مثل الإيمان، وعديله، لا نصفه، أو شطره، وكذا غالب ما ذكروا.