للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -. ورواه أيضًا ابن عمر، وجابر، وطارق الأشجعيّ عند مسلم. وأخرجه أبو داود، والترمذيّ من حديث أنس، وأصله عند البخاريّ. وأخرجه الطبريّ من وجه آخر عن أنس، وهو عند ابن خزيمة من وجه آخر عنه، لكن قال: "عن أنس، عن أبي بكر". وأخرجه البزّار من حديث النعمان بن بشير. وأخرجه الطبرانيّ من حديث سهل بن سعد، وابن عباس، وجرير البجليّ. وفي "الأوسط" من حديث سمرة، وسيأتي ما في رواياتهم من فائدة زائدة، إن شاء اللَّه تعالى (١).

(لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ) ببناء الفعلين للمفعول (وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ) وفي حديث أنس عند ابن خزيمة: "لما توفي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ارتدّ عامّة العرب".

قال القاضي عياض وغيره: كان أهل الرّدّة ثلاثة أصناف: صنف عادوا إلى عبادة الأوثان. وصنف تبعوا مسيلمة، والأسود العنسيّ، وكان كلّ منهما ادعى النبوّة قبل موت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فصدّق مسيلمةَ أهلُ اليمامة، وجماعةٌ غيرهم، وصدّق الأسودَ أهلُ صنعاء، وجماعةٌ غيرهم، فَقُتِل الأسودُ قبل موت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بقليل، وبقي بعض من آمن به، فقاتلهم عُمّال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في خلافة أبي بكر - رضي اللَّه عنه - وأما مسيلمة فجهّز إليه أبو بكر الجيش، وعليهم خالد بن الوليد، فقتلوه.

وصنف ثالثٌ استمروا على الإسلام، لكنهم جحدوا الزكاة، وتأوّلوا بأنها خاصّة بزمن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهم الذين ناظر عمرُ أبا بكر في قتالهم، كما وقع في حديث الباب.

وقال أبو محمد بن حزم في "الملل والنحل": انقسمت العرب بعد موت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على أربعة أقسام: طالْفة بقيت على ما كانت عليه في حياته، وهم الجمهور. وطائفة بقيت على الإسلام أيضًا، إلا أنهم قالوا: نقيم الشرائع إلا الزكاة، وهم كثير، لكنهم قليل بالنسبة إلى الطائفة الأولى. والثالث أعلنت بالكفر، والردّة، كأصحاب طُلَيحة، وسَجَاح، وهم قليل بالنسبة لمن قبلهم، إلا أنه كان في كلّ قبيلة من يقاوم من ارتدّ. وطائفة توقّفت، فلم تُطع أحدًا من الطوائف الثلاثة، وتربّصوا لمن تكون الغلبة، فأخرج أبو بكر إليهم البعوث، وكان فيروز، ومن معه غلبوا على بلاد الأسود، وقتلوه، وقُتل مسيلمة باليمامة، وعاد طُليحة إلى الإسلام، وكذا سَجَاحِ، ورجع غالب من كان ارتدّ إلى الإسلام، فلم يَحُلِ الحولُ إلا والجميع قد راجعوا دين الإسلام، ولله الحمد انتهى (٢).


(١) - راجع "الفتح" ج ١٤ ص ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٢) - المصدر السابق.