وقد ترجم الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" بقوله: "باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة، وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} إلى قوله: {سَكَنٌ لَهُمْ}.
قال الزين ابن المنيّر -رحمه اللَّه تعالى-: عَطَفَ الدعاء على الصلاة في الترجمة ليبيّن أن لفظ الصلاة ليس مُحَتَّمًا، بل غيره من الدعاء بمنزلته انتهى.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ويؤيّد عدم الانحصار في لفظ الصلاة ما أخرجه النسائيّ من حديث وائل بن حُجر أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال في رجل بعث بناقة حسنة في الزكاة: "اللَّهمّ بارك فيه، وفي إبله". وأما استدلاله بالآية لذلك فكأنه فهم من سياق الحديث مُداومة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على ذلك، فحمله على امتثال الأمر في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}. ورَوَى ابن أبي حاتم وغيره بإسناد صحيح عن السدّيّ في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} قال: ادع لهم.
وقال ابن المنيّر في "الحاشية": عبّر المصنّف في الترجمة بالإمام ليُبطل شبهة أهل الرّدّة في قولهم للصدّيق: إنما قال اللَّه لرسوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، وهذا خاصّ بالرسول - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأراد أن يبيّن أن كلّ إمام داخل في الخطاب انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
٢٤٥٩ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ أَخْبَرَنِي, قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى, قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ, قَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ» , فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ, فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (عمرو بن يزيد) أبو بُريد الجَرْمي البصريّ، صدوق [١١] ١٠٠/ ١٣٠ من أفراد المصنف.
٢ - (بهز بن أسد) العمّيّ، أبو الأسود البصريّ، ثقة ثبت [٩] ٢٤/ ٢٨.
٣ - (شعبة) بن الحجاج الإمام الحجة الثبت [٧] ٢٤/ ٢٧.
٤ - (عمرو بن مرّة) بن عبد اللَّه بن طارق الجَمَليّ الكوفي الأعمى، ثقة عابد [٥] ١٧١/ ٢٦٥.
٥ - (عبد اللَّه بن أبي أوفى) علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي، صحابيّ شهد الحُدَيبية، وعُمِّرَ بعد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - دهرًا، ومات سنة (٨٧) - رضي اللَّه تعالى -، تقدّمت ترجمته
(١) - "فتح" ج ٤ ص ١٣١.