الطريقين متحد، فهما بمعنى واحد، وعينت رواية مالك البداءة بالمقدم، فيحمل قوله "أقبل" على أنه من تسمية الفعل بابتدائه، أي بدأ بقبل الرأس اهـ فتح جـ ١/ ص ٣٥١.
وقال ابن عبد البر: روى ابن عيينة هذا الحديث، فذكر فيه مسح الرأس مرتين، وهو خطأ، لم يذكره أحد غيره وقال: وأظنه تأوله على أن الإقبال مرة، والإدبار أخرى، اهـ زرقاني جـ ١/ ص ٤٥ - ٤٦.
قلت: وهذه الرواية تأتي في الباب ٨٢ إن شاء الله تعالى.
(ثم غسل رجليه) زاد في رواية وهيب عند البخاري "إلى الكعبين" والبحث فيه كالبحث في قوله "إلى المرفقين".
والمشهور أن الكتب: هو العظم الناشز عند مُلتَقَى الساق والقدم، وحَكَى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أنه العظم الذي في ظهر القدم عند معقد الشراك.
وروي عن ابن القاسم عن مالك مثله، والأول هو الصحيح الذي يعرفه أهل اللغة، وقد أكثر المتقدمون من الرد على من زعم ذلك، ومن أوضح الأدلة فيه حديثُ النعمان بن بشير الصحيح في صفة الصف في الصلاة: فرأيت الرجل منا يُلزق كعبه بكعب صاحبه، وقيل إن محمدًا إنما رأى ذلك في حديث قطع المحرم الخفين إلى الكعبين إذا لم يجد النعلين اهـ فتح جـ ١/ ص ٣٥١.
وقد رد البدر العيني ما قال الحافظ: بأن هذه الحكاية لم تنقل عن أبي حنيفة أصلا، بل نقلت عن محمد نفسه، وهو أيضا نقل غلط ولأنه فسر به حديث المحرم "إذا لم يجد النعلين، فيلبس الخفين، وليقطعهما بأسفل الكعبين" لا أنه فسر به آية الوضوء. والله تعالى أعلم، وهو المستعان، وعليه التكلان.