أحدها: أنه ضعيف، رواه البيهقي، وغيره من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ضعيف عند أكثر أهل الحديث.
والثاني: لو صح لكان حديث الثلاث مقدما عليه لما فيه من الزيادة.
والثالث: أنه محمول على بيان الجواز، وأحاديث الثلاث للاستحباب جمعا بين الأحاديث.
وأما حديث عبد الله بن زيد فرواه النسائي بإسناد صحيح، والجواب عنه من الوجهين الأخيرين، وقد أشار البيهقي إلى منع الاحتجاج به من حيث أن سفيان بن عيينة انفرد عن رفقته فرواه مرتين، والباقون رووه مرة، فعلى هذا يجاب عنه بالأجوبة الثلاثة.
وأما دليل القائلين بمسحة واحدة فأحسن الأجوبة عنها أنه نقل عن رواتها المسح ثلاثا، وواحدة، فوجب الجمع بينها، فيقال: الواحدة لبيان الجواز، والثنتان لبيان الجواز، وزيادة الفضيلة على الواحدة، والثلاث للكمال والفضيلة، ويؤيد هذا أنه روي الوضوء على أوجه كثيرة، فروي على هذه الأوجه المذكورة، وروي غسل بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين.
وروي على غير ذلك، وهذا يدل على التوسعة، وأنه لا حرج كيف توضأ على أحد هذه الأوجه، ولم يقل أحد من العلماء يستحب غسل بعض الأعضاء ثلاثا، وبعضها مرتين مع أن حديثه هكذا في الصحيحين، فعلم بذلك أن القصد بما سوى الثلاث بيان الجواز، فإنه لو واظب النبي - صلى الله عليه وسلم - على الثلاث لظن أنه واجب، فبين في أوقات الجواز بدون ذلك وكرر بيانه في أوقات، وعلى أوجه ليستقر معرفته، ولاختلاف الحاضرين الذين لم يحضروا الوقت الآخر.
فإن قيل: فإذا كانت الثلاث أفضل، فكيف تركه في أوقات؟