للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نافع. وهذه الطريق تردّ على أبي داود في إشارته إلى أنّ سعيد بن عبد الرحمن تفرّد بها عن عبيد اللَّه بن عمر، لكن يحتمل أن يكون بعض رواته حمل لفظ ابن أبي ليلى على لفظ عبيد اللَّه.

وقد اختُلف فيه على أيوب أيضًا، كما اختُلف على عبيد اللَّه بن عمر، فذكر ابن عبد البرّ أن أحمد بن خالد ذكر عن بعض شيوخه، عن يوسف القاضي، عن سليمان بن حرب، عن حمّاد، عن أيوب، فذكر فيه "من المسلمين". قال ابن عبد البرّ: وهو خطأٌ، والمحفوظ فيه عن أيوب ليس فيه "من المسلمين" انتهى.

وقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" من طريق عبد اللَّه بن شَوْذَب، عن أيوب، وقال فيه أيضًا: "من المسلمين".

قال الحافظ: وذكر شيخنا سراج الدين ابن الملَقّن في "شرحه" تبعًا لمغلطاي أن البيهقيّ أخرجه من طريق أيوب بن موسى، وموسى بن عقبة، ويحيى بن سعيد، ثلاثتهم، عن نافع، وفيه الزيادة. وقد تتبعّتُ تصانيف البيهقيّ، فلم أجد فيها هذه الزيادة من رواية أحد من هؤلاء الثلاثة.

وفي الجملة ليس فيمن رَوَى هذه الزيادة أحدٌ مثلُ مالك؛ لأنه لم يُتّفق على أيوب، وعبيد اللَّه في زيادتها، وليس في الباقين مثل يونس، لكن في الراوي عنه، وهو يحيى بن أيوب مقال. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحاصل أن القول بأن مالكًا -رحمه اللَّه تعالى- تفرّد بزيادة "من المسلمين" غير صحيح، فقد تابعه جماعة من الرواة الذين تقدّم ذكرهم آنفًا، إلا إذا أراد من قال ذلك أن هؤلاء الذين تابعوا مالكًا ليسوا مثله، أو لم يُتَّفقْ عليهم كما اتُّفِقَ عليه، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في وجوب زكاة الفطر على الكافر:

(اعلم): أن زيادة "من المسلمين" في حديث الباب تدلّ على اشتراط الإسلام في وجوب زكاة الفطر، ومقتضاه أنها لا تجب على الكافر، عن نفسه، وهو متّفقٌ عليه، وهل يُخرجها عن غيره، كمستولدته المسلمة مثلاً؟ نقل ابن المنذر فيه الإجماع على عدم الوجوب، لكن فيه وجه للشافعيّة، ورواية عن أحمد، وهل يُخرجها المسلم عن عبده الكافر؟ قال الجمهور: لا، خلافًا لعطاء، والنخعيّ، والثوريّ، والحنفيّة، وإسحاق، واستدلُّوا بعموم قوله: "ليس على المسلم في عبده صدقةٌ، إلا صدقة الفطر".

وأجاب الآخرون بأن الخاصّ يقضي على العامّ، فعموم قوله: "في عبده" مخصوصٌ بقوله: "من المسلمين".