وقال الفيّوميّ: هي وزانُ تَمْرَة: أصله الحجارة الرِّخوة، وقد تحذف الهاء، مع فتح الباء، وكسرها، وبها سمّيت البلدة المعروفة، وأنكر الزّجّاج فتح الباء مع الحذف، ويقال في النسبة بصريّ بالوجهين، وهي محدثةٌ إسلاميّة، بُنيت في خلافة عمر - رضي اللَّه عنهما - سنة ثماني عشرة من الهجرة بعد وقف السواد، ولهذا دخلت في حدّه، دون حكمه انتهى (فِي آخِرِ الشَّهْرِ) أي آخر شهر رمضان، ففي رواية أبي داود:"خطب ابن عبّاس في آخر رمضان، على منبر البصرة، فقال: أخرجوا صدقة صومكم … ورواه البيهقيّ في "السنن الكبرى" جـ ٤ ص ١٦٨ - بلفظ: قال: خطبنا ابن عباس بالبصرة في آخر رمضان، فقال: أدّوا صدقة صومكم … وسيأتي معنى قوله: خطبنا ابن عبّاس قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى (أَخْرِجُوا زَكَاةَ صَوْمِكُمْ، فَنَظَرَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ) إنما نظر بعضهم إلى بعض استغرابًا لما قاله، حيث لم يعلموا كيفيّة إخراج صدقة الفطر التي أمرهم بها. ففي رواية أبي في داود: "فكأن الناس لم يعلموا (فَقَالَ) ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - (مَنْ هَهُنَا)"من" اسم استفهام مبتدأ، خبرها الظرف بعدها (مِنْ أَهلِ الْمَدِينَةِ؟) النبويّة على صاحبها أفضل الصلاة، وأزكى التحيّة. وإنما سأل عن أهل المدينة؛ لكونهم أعلم بالسنّة من غيرهم، فلذا قال لهم (قُومُوا، فَعَلِّمُوا إِخْوَانَكُمْ) أي أهل البصرة (فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، إِنَّ هَذِهِ الزَّكَاةَ) بكسر همزة "إنّ"؛ لكون الجملة مستأنفة، ويحتمل أن تكون بالفتح، فتكون الجملة في تأويل المصدر سدّت مسدّ مفعولي "يعلمون"، أي لأنهم لا يعلمون فرض رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إياها على كلّ ذكر … الخ (فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، حُرٍّ وَمَمْلُوكٍ، صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ تَمْرٍ) هذا محلّ الترجمة، حيث دلّ على أن الْمِكْيَلَة، أي التي تؤدى بها زكاة الفطر صاع، وهذا لا خلاف فيه في التمر والشعير (أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ) فيه دليل على أن نصف الصاع يكفي في القمح، وهذا مختلف فيه، وقد تقدّم أنه لم يثبت حديث مرفوع في نصف صاع، وهذا الحديث فيه انقطاع؛ لأن الحسن لم يسمع من ابن عبّاس، على ما قاله جمهور المحدّثين، فلا يصلح للاحتجاج به.
و"القَمْح" -بفتح القاف، وسكون الميم، آخره حاء مهملة-: الْبُرّ (فَقَامُوا) أي قام أهل المدينة ليعلّموا أهل البصرة كيفيّة زكاة الفطر. وزاد في رواية أبي داود من طريق سهل بن يوسف، عن حُميد:"فلمّا قدم عليّ، رأى رُخْصَ السّعر، قال: "قد أوسع اللَّه عليكم، فلو جعلتموه صاعًا من كلّ شيء". قال حميد: وكان الحسن يرى صدقة رمضان على من صام انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.