للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصحّ. قال الترمذيّ: وإنما قال البخاريّ هذا؛ لأن ابن عباس كان بالبصرة في أيام عليّ، والحسن البصريّ في أيام عثمان، وعليّ كان بالمدينة انتهى.

وخالفهم الشيخ أحمد شاكر، حيث قال: القول بعدم سماع الحسن من ابن عبّاس، وعدم رؤيته إياه وَهَمٌ؛ فإن الحسن عاصر ابن عبّاس يَقِينًا، ولا يَمنَع كونُهُ بالمدينة أيام ابن عبّاس على البصرة سَماعَهُ من ابن عبّاس قبل ذلك، أو بعده، وقطع بسماعه منه، ولقائه إياه ما رواه أحمد في "مسنده" بإسناد صحيح جـ ١ ص ٣٣٧ عن ابن سيرين أن جنازة مرّت بالحسن، وابنِ عبّاس، فقام الحسن، ولم يقم ابن عبّاس، فقال الحسن لابن عباس: أقام لها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -؟ فقال: قام، وقعد. وقال في شرح هذا الحديث جـ٥ ص ٤٩ - ٥٠ - : إسناده صحيح، وهو قاطع في صحة سماع الحسن من ابن عبّاس، فإنه صريحٌ في أنه لقي ابن عباس، وسأله، وسمع منه انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله الشيخ أحمد شاكر غلطٌ عجيبٌ منه، فإنه ظنّ أنَّ الحسن المذكور هو الحسنَ البصريّ، وليس كذلك، وإنما هو الحسن بن عليّ بن أبي طالب - رضي اللَّه عنهما -، وقد تقدّم هذا للنسائيّ في "كتاب الجنائز" برقم ١٩٢٤ و ١٩٢٥ و ١٩٢٦ - وقد صرح في كلّها عن ابن سيرين أن جنازة مرّت بالحسن بن عليّ، وابنِ عبّاس، فقام الحسن، ولم يقم ابن عبّاس … الحديث. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

وقال صاحب "المرعاة": طرق ابن عبّاس تدلّ على أن ابن عبّاس إنما بيّن حكم صدقة الفطر حين ما كان أميرًا على البصرة من جهة عليّ، وكان الحسن إذ ذاك بالمدينة، لا بالبصرة، كما تقدّم عن ابن المدينيّ: إن الحسن كان المدينة أيام كان ابن عبّاس بالبصرة. وهذا ظاهر في أن الحسن لم يسمع هذا الحديث من ابن عباس، وثبوت سماعه منه في الجملة لا يستلزم سماع هذا الحديث منه، وإليه أشار الشيخ أحمد شاكر في "شرحه للمسند" جـ ٣ ص ٣١٨: بقوله: نعم قد يمنع الرواية التي يعللونها في قوله: خطبنا ابن عبّاس بالبصرة انتهى.

فالراجح عندي أن هذا الحديث مرسل. وقد اعترف بذلك ابن التركماني جـ ٤ ص ١٦٩ - والقاري، وغيرهما من الحنفيّة. انتهى ما قاله صاحب "المرعاة". جـ ٦ ص ٢٠٤ - ٢٠٥. وهو كلام نفيس جدًّا.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: وثبوت سماعه منه الخ هكذا قال صاحب "المرعاة" تقليدًا للشيخ أحمد شاكر في غلطه المتقدّم أن الحسن هو البصريّ، وقد تقدم أنه الحسن السبط - رضي اللَّه عنه -، فالحقّ أنه لم يثبت سماع الحسن من ابن عبّاس بطريق صحيح، فافهمه.