للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبيه، أنه قال: لم يسمع ابن سيرين من ابن عبّاس شيئًا، كلّها يقول: نُبّئت عن ابن عباس. وقال شعبة، عن خالد الحذّاء: كلّ شيء قال محمد: نُبّئت عن ابن عبّاس، إنما سمعه من عكرمة، لقيه أيّام المختار. وقال عليّ ابن المدينيّ، وابن معين: لم يسمع ابن سيرين من ابن عبّاس شيئًا انتهى.

وقد تعقّب العلامة أحمد محمد شاكر هذا -في "شرحه للمسند" جـ ٣ ص ٢٥٧ - فقال: وهذا ليس بتعليل، ولا دليل على الجزم به، فابن سيرين عاصر ابن عبّاس طويلًا، فهو على السماع حتى يتبيّن خلافه، وقد صحّح الأئمة روايته عن ابن عباس انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ردّ أحمد شاكر على كلام أحمد، وابن المدينيّ، وابن معين بمثل قوله هذا عجيبٌ منه؛ لأن هؤلاء الأئمة هم أعلم بهذا الشأن، وهم القدوة فيه، فكيف يُردّ عليهم دون حجة نيّرة تُثبِت عكس ما قالوه، وأما تصحيح أحاديثه، فإنه لا يستلزم ثبوت سماعه، لاحتمال أن يكون للمتابعات، ونحوها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٥١٠ - (أَخْبَرَنَا (٢) قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أَبِي رَجَاءٍ, قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ, يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِكُمْ -يَعْنِي مِنْبَرَ الْبَصْرَةِ- يَقُولُ" "صَدَقَةُ الْفِطْرِ صَاعٌ, مِنْ طَعَامٍ". قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: هَذَا أَثْبَتُ الثَّلَاثَةِ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد عندهم رجال الصحيح، و"حماد": هو ابن زيد. و"أيوب": هو السختيانيّ. و"أبو رجاء": هو عمران بن مِلْحان، أو ابن تَيْم العطارديّ البصريّ، مخضرم، ثقة، مُعَمَّرٌ، مات سنة (١٠٥) وله (١٢٠) [٢] ٢٠٢/ ٣٢١.

وقوله: "هذا أثبت الثلاثة" يعني أن حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما - من رواية أبي رجاء العُطارديّ أصحّ من حديثه من رواية الحسن، وابن سيرين؛ لما تقدّم أنهما لم يسمعا منه.

وقوله: "من طعام" سيأتي بعد باب بيانُ اختلاف أهل العلم في المراد به، إن شاء اللَّه تعالى، والحديث بهذا الإسناد صحيح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - انظر ما كتبه على "المسند" ج ٣ ص ٢٥٧.
(٢) - وفي نسخة: "أخبرني".