منها: أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله عندهم رجال الصحيح. (ومنها): أن الثلاثة الأولين بصريّون، والباقون كوفيّون. (ومنها): أن فيه رواية تابعي، عن تابعي مخضرم. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ) عقبة بن عمرو - رضي اللَّه عنه -، أنه (قَالَ:"لَمَّا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِالصَّدَقَةِ) ولفظ البخاريّ في "الزكاة": "لما نزلت آية الصدقة، كنّا نُحامل … ". قال في "الفتح": كأنه يشير إلى قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية (فَتَصَدَّقَ أَبُو عَقِيلٍ، بِنِصْفِ صَاعٍ) اسم أبي عَقيل هذا -وهو بفتح أوّله- حَبْحَاب- بمهملتين، بينهما موحّدة ساكنة، وآخره مثلها-. ذكر عبد بن حُميد، والطبريّ، وابن منده من طريق أبي عروبة، عن قتادة، قال في قوله تعالى:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} قال: "جاء رجل من الأنصار، يقال له: الحبحاب، أبو عَقِيلٍ، فقال: يا نبيّ اللَّه بِتُّ أجُرُّ الجرير (١) على صاعين من تمر، فأما صاعٌ، فأمسكته لأهلي، وأما صاع فها هو ذا، فقال المنافقون: إن كان اللَّه ورسوله لغنيين عن صاع أبي عَقيل، فنزلت". وهذا مرسل.
ووصله الطبرانيّّ، والباورديّ، والطبريّ من طريق موسى بن عُبيدة، عن خالد بن يسار، عن ابن أبي عَقيل، عن أبيه بهذا، ولكن لم يسمّوه. وذكر السهيليّ أنه رآه بخطّ بعض الحفّاظ مضبوطًا بجيمين. وروى الطبرانيّ في "الأوسط"، وابن منده من طريق سعيد بن عثمان البلويّ، عن جدّته بنت عديّ، أن أمها عميرة بنت سهل بن رافع، صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون خرج بزكاته، صاع تمر، وبابنته عميرة إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فدعا لهما بالبركة. وكذا ذكر ابن الكلبيّ أن سهل بن رافع، هو صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون. وروى عبد بن حميد من طريق عكرمة، قال في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} هو رفاعة بن سهل. ووقع عند ابن أبي حاتم رفاعة بن سعد، فيحتمل أن يكون تصحيفًا. ويحتمل أن يكون اسم أبي عَقيل سهل، ولقبه حبحاب، أو هما اثنان. وفي الصحابة أبو عقيل بن عبد اللَّه بن ثعلبة البلويّ بدريّ، لم يسمّه موسى ابن عقبة، ولا ابن إسحاق، وسماه الواقديّ عبد الرحمن، قال: واستُشهِد باليمامة.
وكلام الطبريّ يدلّ على أنه هو صاحب الصاع عنده، وتبعه بعض المتأخّرين. قال
(١) - الجرير بالفتح: حبل يُجعل في عنق الناقة. قاله في "المصباح".