(عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ) الصدّيق - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) بالنصب مفعولًا لـ " جاء"؛ لأنه يتعدّى بنفسه، يقال: جئتُ زيدًا: إذا أتيت إليه، ويتعدّى بـ "إلى" أيضًا، فيقال: جئت إليه على معنى ذهبتُ إليه. أفاده في "المصباح"(فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ، إلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ) بن العوّام بن خُوَيلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ بن كلاب، أبو عبد اللَّه القرشيّ الأسديّ، أحد العشرة المبشّرين بالجنّة، قُتل سنة (٣٦) بعد مُنصَرَفه من وقعة الْجَمَل.
والمعنى: ليس لي مالٌ أتصدق به على المساكين، إلا الذي أعطاني زوجي الزبير قوتًا، أو أعمّ من ذلك.
(فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ) بضمّ الجيم، أي إثمٌ (فِي أَنْ أَرْضَخَ) بفتح الضاد المعجمة: أي أعطي قليلًا. يقال: رَضَختُ له رَضْخًا، من باب نَفَعَ، ورَضِيخًا: أعطيته شيئًا ليس بالكثير، والمال رَضْخٌ، تسميةً بالمصدر، أو فَعْلٌ بمعنى مفعول، مثلُ ضَرْبٍ الأمير، وعنده رَضْخٌ من خيرٍ: أي شيءٌ منه. قاله الفيّوميّ (مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ؟) أي من المال الذي يدخله الزبير عليّ، فحُذف عائد الموصول؛ لكونه فضلة، كما قال في "الخلاصة":
(فَقَالَ:"ارْضَخِي) بفتح الضاد المعجمة، والهمزة فيه همزة وصل؛ لكونه ثلاثيًا. وهذا محمولٌ على ما أعطاها الزبير لنفسها بسبب نفقة وغيرها، أو مما هو ملك للزبير، ولا يَكرَه الصدقةَ منه، بل يرضى به على عادة غالب الناس. وقد سبق بيان المسألة قريبًا. أفاده النوويّ (١) "مَا اسْتَطَعْتِ") قال النوويّ: معناه مما يَرضَى به الزبير، وتقديره: إنّ لكِ في الرضخ مراتبَ مباحة، بعضها فوق بعض، وكلّها يرضاها الزبير، فافعلي أعلاها. أو يكون معناه: ما استطعت مما هو ملك لك. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتمال الأخير بعيدٌ، يردّه سياق الحديث، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.
(وَلَا تُوكِي) من الإيكاء، وهو شدّ رأس الوعاء بالوكاء، وهو الرباط الذي يُربط به. وفي رواية: "لا توعي" بالعين المهملة بدل الكاف، وهو بمعناه، يقال: أوعيتُ المتاع في الوعاء أُوعِيهِ: إذا جعلته فيه (فَيُوكِيَ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيكِ") أي يمعنك كما منعت،