صحابيه من المقلين من الرواية، فليس له في الكتب الستة إلا خمسة أحاديث فقط، حديث الباب عند الشيخين، والمصنف، وحديث في الصلاة عندهم إلا ابن ماجه، وحديث "ألا أخبركم بأهل الجنة … " عندهم إلا أبا داود، وحديث الحوض عند الشيخين، وحديث "لا يدخل الجنّة الْجَوَّاظ … " عند أبي داود انظر "تحفة الأشراف" ٣/ ١٠/ ١٢. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ حَارِثَةَ) بن وهب الخزاعيّ - رضي اللَّه عنه - أنه (قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَقُولُ:"تَصَدَّقُوا) أَمرٌ بالصدقة، ثم علّل الأمر بها بالفاء التعليليّة، فقال (فَإِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ، يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ) طالبًا للمحتاج حتى يدفعها إليه (فَيَقُولُ الَّذِي يُعْطَاهَا) بالبناء للمفعول، والنائب عن الفاعل ضمير الموصول، والمنصوب يعود إلى الصدقة، والمعنى: يقول الذي يُراد أن يُعطَى الصدقة، أي يريد المتصدّق إعطاءه إيّاها (لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالْأَمْسِ قَبلْتُهَا) لاحتياجي إليها فيه (فأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا) وفي رواية البخاريّ: "فلا حاجة لي بها"، وفي أخرى: "فيها". والظاهر أن ذلك يقع في آخر الزمان، حين يَفيض المال، كثرةً، عند قرب الساعة، ومن ثمّ أورده البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "كتاب الفتن"؛ لأن كثرة المال من الفتن. ويدلّ عليه حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه -، "قال: قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال، فَيَفِيضَ، حتى يِهُمّ ربَّ المال، من يقبل صدقته، وحتى يَعرِضَه، فيقول الذي يَعرِضه عليه: لا أرب لي". متّفق عليه.
وحديثُ أبي موسى - رضي اللَّه عنه -، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال:"ليأتينّ على الناس زمان، يطوف الرجل فيه بالصدقة، من الذهب، ثم لا يجد أحدا يأخذها منه، ويُرَى الرجلُ الواحد، يتبعه أربعون امرأة، يَلُذْنَ به، من قِلَّةِ الرجال، وكثرة النساء"، متّفق عليه.
وقال ابن التين -رحمه اللَّه تعالى-: إنما يقع ذلك بعد نزول عيسى - عليه السلام -، حين تُخرِجُ الأرض بركاتها، حتى تُشبع الرُّمّانةُ أهلَ البيت، ولا يبقى في الأرض كافر انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن التين -رحمه اللَّه تعالى- محتملٌ.
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث حارثة بن وهب - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٦٤/ ٢٥٥٥ - وفي "الكبرى" ٦٦/ ٢٣٣٦. وأخرجه (خ) في "الزكاة" ١٤١١ (م) في "الزكاة" ١٠١١ (أحمد) في "مسند الكوفيين" ١٨٢٥١. واللَّه تعالى أعلم.